كتاب الزواج في الإسلام ( سلسلة الفقه في سؤال وجواب ) الجزء السادس




سلسلة الفقه فـي سـؤال وجـواب (الجــزء الســادس)

كتــاب الزواج في الإسلام

إعــداد وترتيـب / حـازم بـن علـي خـطاب

غـفـر الله له وللمسلميـن

راجعه الشيخ / محمود بن محفوظ 

عفا الله عنه ووالديه 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

إن الحمد لله نحمده  ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ [آل عمران:102].

  يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا 

رِجَالاً كَثِيْراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوْا اللَّهَ الَّذِيْ تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْباً[النساء:1]

 يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماًً [ الأحزاب:70،71].

أما بعد

     فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد –   - وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. 

فهذا هو الجزء السادس من سلسلة الفقه في سؤال وجواب ، والخاص بالنكاح سرت فيه على نهج أضرابه من أجزاء هذه السلسلة الميسرة في الفقه وهي : 

ـ الجزء الأول : كتاب الطهارة 

ـ الجزء الثاني : كتاب الصلاة 

ـ الجزء الثالث : كتاب الزكاة 

ـ الجزء الرابع : كتاب الصيام 

ـ الجزء الخامس : كتاب الجنائز 

حيث قسمت الكتاب إلى أبواب في كل باب ما يتعلق به من الأسئلة والأجوبة ، راجيًا من الحق ـ سبحانه وتعالى ـ أن أوفق في عرض هذا الجزء كما وفقني الله ـ عز وجل ـ في الأجزاء السابقة ، داعيا ربي ـ جل وعلا ـ أن يجعله لوجهه خالصًا ، وأن يأجرني عليه في الدنيا والآخرة ، وما كان من صواب فمن الله وما كان غير ذلك فالله هو العفو الغفور المتجاوز عن الزلات والهفوات ، الماحي للسيئات المضاعف للحسنات . وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الأطهار الأخيار ، والحمد لله رب العالمين . 

                                                  وكتبه الفقير إلى عفو مولاه 

                                                      حازم بن علي خطاب 

                                             غفر الله له ولوالديه وللمسلمين 

                                                        مصر ـ سوهاج 

                                               26 من جمادى الآخرة 1437 ه

الباب الأول (أحكام النكاح)

سؤال 1: عرف النكاح ( الزواج ) . وما حكمه ؟ 

    الجواب : النكاح لغةً : يراد به معنيان : 

الأول : العقد ، يقال : نكح بنتَ فلان أي عقد عليها . 

الثاني : الجماع : يقال نكح زوجته أي جامعها . 

شرعًا : أن يعقد على امرأة بقصد الاستمتاع بها وحصول الولد وغير ذلك من مصالح النكاح "  

    أما حكمه :

 فالأصل في النكاح أنه سنة لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " .... وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني "  

   وليس هو سنة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحده ، بل سنة  جميع الرسل من قبله لقوله تعالى : " ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجًا وذرية " ( الرعد / 38 ) 

    لكن قد تطرأ أمور تنقل الزواج من كونه مستحبًا فقط إلى أن يكون واجبًا أو محرمًا أو مكروهًا أو مباحًا . 

     فإذا كان قادرًا عليه وتاقت نفسه إليه وخشي الوقوع في الزنا كان الزواج في حقه واجبًا ؛ لأن صيانة النفس عن الحرام واجب ، ولا يتم ذلك إلا بالزواج .

    وأما إذا كان قادرًا عليه وتاقت نفسه إليه لكنه يأمن على نفسه من الوقوع في الزنا كان الزواج في حقه مستحبًا .

   وأما إذا كان غير قادر عليه ولم تتق نفسه إليه وهو مع ذلك على يقين من أنه سيخل بحق الزوجة في الوطء والإنفاق كان الزواج في حقه حرامًا 

   وأما إذا كان قادرًا عليه لكنه سيقع به في التقصير في حق الزوجة والانقطاع عن بعض العبادات والطاعات كالانشغال عن طلب العلم كان في حقه مكروهًا . 

   وأما إذا انتفت الدواعي والموانع كان الزواج في حقه مباحًا .        والله أعلم .


سؤال 2 : اذكر بعض الأدلة التي ترغب في الزواج وطلب الذرية . 

    الجواب : هناك كثير من الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية التي ترغبنا في الزواج وتحثنا عليه منها : 

ـ قوله تعالى : " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم" ( النور / 32 ) 

ـ وقوله تعالى : " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين " ( الفرقان / 74 ) 

ـ عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "  

ـ وعن سعيد بن جبير قال : قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنه : " هل تزوجت ؟ قلت : لا . قال : تزوج ، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً "  

ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة "   . والأحاديث في ذلك كثيرة .   والله أعلم.

 

سؤال 3 : هل يجوز تعاطي أدوية تقطع الشهوة لمن لا يستطيع الزواج ؟ 

   الجواب :  استدل بعض العلماء بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " على جواز المعالجة لقطع شهوة النكاح بالأدوية . لكن ينبغي هنا ألا تكون هذه الأدوية تقطع الشهوة نهائيًا ، وأما مجرد تسكينها فهذا لا باس به . قال الحافظ في الفتح : " وينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة دون ما يقطعها أصالة ؛ لأنه قد يقدر بعدُ فيندم لفوات ذلك في حقه "   

  لكن خير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالأولى من ذلك الصيام ؛ لأنه هو العلاج الذي أشار به ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لمن لم يستطع الزواج .              والله أعلم .


سؤال 4 : وهل يجوز تعاطي أدوية تقوي الضعف الجنسي ؟ 

    الجواب : إعفاف الزوجة حق واجب على الزوج ، فإذا كان الزوج ضعيفًا [جنسيًا] أو أصابه ضعف [جنسي] يجعله يخل بحق زوجته في الوطء ، فيجوز له أن يتعاطى دواءً يمكنه من هذا الحق ، لكن بشرط ألا يكون هذا الدواء من المحرمات  كالمسكرات والمخدرات من الخمور والحشيش والأفيون والبانجو ونحوها.

 وكذلك لا يكون بإسراف يضر به نفسه ، والأفضل أن يكون بإشراف طبيب مختص في ذلك . 

       قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره : " وإن رأى الرجل من نفسه عجزًا عن إقامة حقها في مضجعها أخذ من الأدوية التي تزيد من باهه وتقوي شهوته حتى يعفها "   ، والله أعلم.   


سؤال 5 : هل يجب على النساء أن يتزوجن ؟ 

   الجواب : مر بنا أن الزواج في أصله سنة وقد يجب أحيانًا ويستحب أحيانًا ويحرم أحيانًا ويكره أحيانًا ويباح أحيانًا ، وكل هذه الأحكام متعلقة بالرجال .

    أما النساء  فإنه يباح النكاح لهن ولا يجب عليهن ، ولا نعلم دليلاً صريحًا يوجب عليهن ذلك . بل وردت الأدلة التي تدل على خلاف ذلك وهو عدم وجوب الزواج على النساء منها : 

ـ قوله تعالى : " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا " (  النور / 60 ) 

ـ ومما يدل دلالة  صريحة على ذلك ما ورد عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : إن رجلا ً أتى بابنة له إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج ، قال : فقال لها : أطيعي أباك . قال : فقالت : لا ، حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته ؟ فرددت عليه مقالتها ، قال : فقال : حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها ، أو ابتدر منخراه صديدًا أو دمًا ثم لحسته ما أدت حقه . قال : فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدًا . قال : فقال : لا تنكحوهن إلا بإذنهن "   

   فلو كان الزواج واجبًا في حق النساء لما أقر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه المرأة على عدم الزواج .                                         والله أعلم .  


سؤال 6 : ما الحكمة من الزواج ؟ 

    الجواب : للزواج آثار نافعة تعود على الفرد والمجتمع والأمة جميعًا ، بل على النوع الإنساني بصفة عامة ومن هذه الآثار : 

[1] إشباع الغريزة الجنسية بالطريق الذي شرعه الله ـ عز وجل ـ لعباده ، هذه الغريزة إذا لم يشبعها الإنسان أصابه القلق والاضطراب ، فإذا أشبعها ـ وليس هناك طريق لإشباعها إلا الزواج ـ هدأ من الاضطراب وسكنت نفسه ، وكف نظره عن التطلع إلى الحرام ، وهذا هو ما أشارت ‘ليه الآية القرآنية : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " ( الروم / 21 ) 

[2] الزواج هو أحسن وسيلة لإنجاب الأولاد ، واستمرار الحياة . 

[3] كثرة النسل للأمة ، وهو ما يباهي به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأمم يوم القيامة 

[4] الشعور بتبعة الزواج ورعاية الأولاد يبعث على النشاط . 

[5] تنمية غريزة الأبوة والأمومة وهذه لا تأتي إلا بعد الزواج والإنجاب .

[6] تقوية الصلة والترابط بين الأسر والعائلات . 

[7] تحقيق العفة للرجال والنساء وتحصين الفروج من الوقوع في الحرام . والله أعلم.

 

سؤال 7 : هل يجوز الإعراض عن الزواج بحجة الانقطاع للعبادة ؟ 

    الجواب : لا يجوز الإعراض عن الزواج بحجة الانقطاع للعبادة، وهذا ما نهى عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما ورد عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسالون عن عبادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما انا فأصلي الليل أبدًا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا ، فجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال :

" أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني "    

ـ وعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال : " رد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على عثمان بن مظعون التبتل ، ولو أذن له لاختصينا "   

 فلو كان ترك الزواج من أجل التفرغ للعبادة جائزًا لما منع منه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عثمان والثلاثة الذين ذكروا في الحديث.  والله أعلم.


سؤال 8 : هل يأثم من ترك الزواج وهو قادر عليه ونفسه تتوق إليه ؟ 

   الجواب : عرفنا فيما سبق أن الزواج في حق من قدر عليه ويخشى على نفسه من الوقوع في الفاحشة واجب ، ولا سبيل إلى إعفافه إلا بالزواج ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فمن كان الزواج في حقه واجبًا وتركه لغير عذر كان آثمًا بتركه هذا الواجب .

 جاء في فتاوى اللجنة الدائمة وقد سئلت عن حكم الزواج : " .... وقد يكون في حق بعض الناس فرضًا إذا خشي على نفسه من الوقوع في الفاحشة واستطاع مؤنة النكاح "   ، والله أعلم .


 سؤال 9 : ماذا يفعل الشاب الذي يريد الزواج وهو غير قادر ولا يستطيع الصوم ؟ 

    الجواب : لما حض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشباب على الزواج وبين الحكمة منه في قوله : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "   أرشد الشباب الذي لا يقدر على الباءة وهي القدرة على مؤنة النكاح وإعفاف الزوجة إلى الصوم ؛ لأنه يقلل الشهوة . لكن بعض الشباب ليست عنده القدرة على الصوم ـ أو يزعم ذلك ـ فهذا نقول له : استعفف حتى يغنيك الله من فضله ، واصبر حتى يفرج الله عنك قال تعالى : " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله " ( النور / 33 ) 

   وننصحه كذلك بالبعد عن كل المثيرات [الجنسية] ، وتجنب الاختلاط بالنساء ، وغض البصر ، وأيضًا لا تسلك الطرق المحرمة للحصول على المال اللازم الزواج ، كالقرض الربوي من البنوك بحجة الخشية من الوقوع في الزنا ، فالقرض الربوي أشد من الزنا لذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لدرهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ست وثلاثين زنية " ، والله أعلم . 

                   البــاب الثـاني (أحــكام الخــطبة)

سؤال 10 : عرف الخطبة . وما الشروط المعتبرة في خطبة المرأة ؟ 

   الجواب : الخطبة هي : طلب الرجل المرأة للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس.

وهي من مقدمات الزواج ، وقد شرعها الله قبل الارتباط بعقد الزوجية ليتعرف كل من الزوجين على صاحبه ، ويكون الإقدام على الزواج على هدى وبصيرة . 

   ولا تباح خطبة امرأة إلا إذا توفر فيها شرطان : 

أولاً : أن تكون خالية من الموانع الشرعية، بمعنى ألا تكون محرمة عليه سواء كان تحريمًا مؤبدًا أو مؤقتًا ، وألا تكون في عدة من غيره. 

ثانيًا : ألا يسبقه غيره إليها بخطبة شرعية .   والله أعلم . 


سؤال 11 : ما حكم النظر إلى الفتاة التي يراد خطبتها ؟ 

   الجواب : إذا كان الإسلام حرم النظر إلى الأجنبية ـ التي ليست من المحارم ـ كما في قوله تعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم "( النور/30 ) . وكما ورد في بعض الأحاديث النبوية . فإنه أباح ـ وهذا من الحكمة ـ لمن أراد أن يتقدم لخطبة فتاة أن ينظر إليها.

 ومن الأدلة على ذلك : 

ـ ما ورد عن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ أنه خطب امرأة ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "   

ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : خطب رجل امرأة ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا "  

ـ وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، قال جابر : فخطبت امرأة من بني سلمة فكنت أختبئ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها "   . فكل هذه الأحاديث وغيرها تدل على أنه يباح ـ بل يستحب ـ للخاطب أن ينظر إلى من أراد خطبتها ، ويجوز له أن يكرر النظر إليها ، فإذا تمت الموافقة ، فلا يحل له النظر بعد ذلك لأنها أجنبية عنه حتى يعقد عليها .   والله أعلم .


سؤال 12 : وما المواضع التي يجوز أن ينظر إليها الخاطب ؟ 

   الجواب : اختلف العلماء في المواضع التي يجوز للخاطب أن ينظر إليها . فذهب جمهور العلماء إلى أنه لا ينظر إلا إلى الوجه والكفين فقط ، فالوجه يستدل به على الجمال أو الدمامة ، والكفان يستدل بهما على نحافة البدن أو سمنته . 

  وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز له أن ينظر إلى جميع البدن أو إلى ما شاء منه . وهذا الرأي يؤيده ما كان يفعله جابر ـ رضي الله عنه ـ من اختبائه للمرأة التي خطبها ، ويؤيده ما ورد أن عمر ـ رضي الله عنه ـ خطب إلى علي ـ رضي الله عنه ـ ابنته أم كلثوم ، فذكر له صغرها ، فقال : أبعث بها إليك ، فإن رضيت فهي امرأتك ، فأرسل إليها ، فكشف عن ساقها ، فقالت : لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك "  

  فهذا الأثر يدل على أن عمر ـ رضي الله عنه ـ كان يرى جواز النظر لما هو أكثر من الوجه والكفين ، وإلا لما كشف عن ساقها .   والله أعلم . 


سؤال 13 : هل يجوز للخاطب النظر للمخطوبة بغير إذنها ؟ 

   الجواب : اختلف أهل العلم في ذلك فيرى بعضهم أنه لا يجوز له أن ينظر إليها بغير إذنها .

 وذهب بعضهم إلى أنه يجوز له النظر بغير إذنها.

 وهذا هو الراجح ويؤيده ما مر بنا من أثر جابر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ 

 ويؤيده أيضأ الحديث : " وإن كانت لا تعلم "   

   وهو مذهب جمهور العلماء . 

قال الحافظ ابن حجر : " وقال الجمهور: يجوز أن ينظر إليها إن أراد ذلك بغير إذنها "   . وقال ابن قدامة : " يجوز النظر إليها بإذنها وبغير إذنها لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أطلق النظر ، فلا يجوز تقييده "  


سؤال 14 : هل يجوز للخاطب أن يكلم مخطوبته ويصافحها ويخلو بها ؟ 

   الجواب : لا يجوز للخاطب أن يمس مخطوبته أو يصافحها ؛ لأنه أجنبي عنها ، وكذلك لا يجوز له أن يخلو بها من باب أولى ، وقد حذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الخلوة بالأجنبية ، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم "  

    أما الكلام ، فيجوز له أن يكلمها ولكن في وجود المحرم ، وينبغي أن يتقيد الكلام بما كان له سبب وحاجة ومصلحة .

 أما الكلام لمجرد التسلية ، وما لا فائدة منه فيمنع سدًا للذريعة ، فإذا اشتمل على الغزل والعشق والغرام كان حرامًا ، وهذا ينطبق على الكلام بالمجاورة والمشافهة أو بالهاتف أو على شبكة الإنترنت .  

    سئلت اللجنة الدائمة عن الخلوة بالخطيبة ومصافحتها ، فأجابت : " لا يجوز للخاطب أن يخلو بمخطوبته ما دام لم يعقد عليها ، ولا أن يصافحها ولا أن تخرج معه ، لأنها أجنبية عنه ، بل بحضور أمها أو أبيها أو ممن تزول بوجوده الخلوة "   . وهذا ما أخل به أكثر الناس إلا من عندهم استقامة على الدين ومحافظة على القيم والمبادئ ، فتجد أهل الفتاة المخطوبة يتساهلون في ذلك فيسمحون للخاطب أن يدخل البيت من ليل أو نهار في غير وجود محرم ويجالس البنت ساعات ، والأدهى من ذلك السماح له بالخروج معها إلى أي مكان ، والخلوة بها ، وهذا من الخلل الكبير وكم حدث من مشاكل وخصومات ويحدث بعد ذلك فسخ الخطبة ، ولكن بعد أن أساء وشوه سمعتها .   والله أعلم . 


سؤال 15 : هل تجوز الخطبة عن طريق إرسال صورة المخطوبة على الإنترنت ؟ 

   الجواب : لا يجوز ذلك لما يترتب عليه من أضرار ومفاسد . 

     قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن ذلك : " الحمد لله ، لا أرى هذا . أولاً : لأنه قد يشاركه غيره في النظر إليها . ثانيًا : لأن الصورة لا تحكي الحقيقة تماما . ثالثًا : أنه ربما تبقى هذه الصورة عند الخاطب ويعدل عن الخطبة ، ولكن تبقى عنده يلعب بها كما شاء . والله أعلم "   . وصدق رحمه الله فكم حدث شباب تلاعبوا بصور الفتيات التي وصلت إليهم بحجة الخطبة ، وخربوا البيوت ، وحدث الطلاق بين الزوجين بسبب هذا التلاعب .   والله أعلم . 


سؤال 16 : هل يجوز للمخطوبة أن تتزين للخُطَّاب ؟ 

   الجواب : علمنا مما سبق أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يريد خطبتها وأن يرى منها ما يدعوه إلى نكاحها .

وأما المخطوبة فيجوز لها أن تتجمل وتتهيأ للخاطب ، ولكن في الحدود المأذون فيه شرعًا ، وذلك في الوجه والكفين لاغير.

 ودليل ذلك  ما ثبت في حديث سبيعة الأسلمية : أنها بعد انقضاء عدتها اكتحلت أو اختضبت وتهيأت " وفي رواية : فتجملت للخطاب "   . 

لكن لا يجوز لها أن تتزين بوسائل الزينة الحديثة المعروفة في زماننا بالمكياج منعًا للتدليس والغش ، لأن مثل هذه الوسائل تغير طبيعة المرأة وهذا فيه تغرير بالخاطب .                       والله أعلم .  

 

سؤال 17 : ما صفات المرأة التي تستحب خطبتها ؟ 

   الجواب : هناك مجموعة من الصفات والأخلاق لا بد من مراعاتها في خطبة المرأة ومنها : 

أولاً : أن تكون صالحة أي ذات خلق ودين . فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك "   

  قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " فالدَّيِّنة تعينه على طاعة الله ، وتصلح من تتولى على يدها من الأولاد ، وتحفظه في غيبته ، وتحفظ ماله ، وتحفظ بيته ، بخلاف غير الدينة ، فإنها قد تضره في المستقبل " 

ثانيًا : أن تكون بكرًا . وهذا هو الأفضل ، لكن إن كانت هناك مصلحة في نكاح الثيب فقد تكون أولى من البكر . فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ  أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له : " يا جابر. تزوجت بكرًا أم ثيبًا ؟ قال : ثيبًا ، فقال : هلا تزوجت بكرًا تلاعبها وتلاعبك ؟ فقال : هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات فتزوجت ثيبًا ، كرهت أن أجيئهن بمثلهن ، فقال : بارك الله لك "   وفي رواية : أصبت 

ثالثًا : أن تكون ولودًا ودودًا ، والولود : التي تنجب الذرية ، ويعرف ذلك بالنظر إلى أخواتها وعماتها وخالاتها وأمها . والودود : هي المرأة التي تتودد إلى زوجها وتتحبب إليه . فعن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ قال : جاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال ، وإنها لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : لا ، ثم أتاه الثانية فنهاه ، ثم أتاه الثالثة فقال : تزوجوا الودود الولود ، فإني مكاثر بكم الأمم "  

رابعًا : أن تكون من بيئة كريمة أخلاقها حميدة . ولذلك أثنى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على صالح نساء قريش بقوله : " خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده "   وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "  

خامسًا : أن تكون طائعة لزوجها ، لما ثبت في الحديث : " خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا أقسمت عليها أبرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك "   .  والله أعلم .


سؤال 18 : هل يجوز النظر لعدة نساء بغرض الزواج ؟ 

    الجواب : النظر للمخطوبة إنما جاز للحاجة والمصلحة من الترغيب في الزواج منها ، وهذا النظر مقيد بأربعة شروط : 

الأول : العزم على الزواج منها. 

الثاني : عدم الخلوة بها. 

الثالث : أمن الفتنة ، فقد يفتتن بالمرأة إذا نظر إليها فيقع فيما هو أشد من ذلك. 

الرابع : ألا يزيد على القدر المشروع وهو النظر للتعرف عليها لا للاستمتاع بهذا النظر .

 وبناء على ذلك : فلا ينظر إلا إلى التي عزم على خطبتها ونكاحها فإن رضيها ، وإلا انتقل لغيرها . والله أعلم . 

سؤال 19 : ما حكم خطبة المرأة وقت عدتها ؟ 

   الجواب : إذا خطب رجل امرأة في أثناء عدتها ، فإما أن تكون عدتها عدة وفاة ، أو عدة طلاق ، والطلاق إما أن يكون رجعيًا أو بائنًا وحكمها كالآتي : 

أولاً : إن كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي ، فيحرم خطبتها تصريحًا أو تعريضًا ؛ لأنها ما زالت في عصمة زوجها وله الحق في مراجعتها ، والمقصود بالتصريح : أن يقول لها : أريد أن أتزوجك أو يقول لوليها أريد أن أتزوج فلانة . والمقصود بالتعريض : كأن يقول إني راغب في فيك . 

ثانيًا : إذا كانت مطلقة طلاقًا بائنًا حرمت خطبتها تصريحًا ، ويجوز تعريضًا ـ على الصحيح ـ لعموم قوله تعالى : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " ( البقرة / 235 ) . فأباح الله التعريض دون التصريح ، لكن يجوز لمطلقها فقط التصريح بالزواج ما لم يكن طلقها الطلقة الثالثة .

ثالثًا : إذا كانت معتدة عدة وفاة ، فإنه يجوز التعريض بالخطبة دون التصريح لعموم الآية السابقة . 

 والخلاصة : أن التصريح بالخطبة محرم لجميع المعتدات ماعدا زوجها الذي طلقها طلاقًا بائنًا ، إلا إذا طلقها الطلقة الثالثة ، فإنها تحرم عليه حتى تنكح زوجًا غيره ، والتعريض محرم للمعتدة الرجعية وجائز للبائن والمعتدة من وفاة . والله أعلم . 


سؤال 20: وما الحكم فيما لو صرح بالخطبة في المواضع التي يحرم فيها التصريح ؟ 

    الجواب : من صرح بالخطبة في موضع يحرم فيه التصريح بها فقد وقع في الإثم ويلزمه التوبة ، لكن إن خطبها في العدة ، ولم يعقد عليها إلا بعد انقضاء العدة فالعقد صحيح ـ على الراجح ـ لقوله تعالى : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " ( البقرة / 235 ) 

   أما إن خطبها في العدة وعقد عليها قبل انقضاء العدة فقد وجب التفريق بينهما ! سواء دخل بها أم لم يدخل ، لأن هذا النكاح باطل ، وعلى هذا فلا توارث بينهما ، ولا تجب نفقة لها عليه ، وإن كانا عالمين بحرمة هذا العقد وبطلانه ، وقع عليهما حد الزنا ، أما إن كانا جاهلين فلا شيء عليهما . وإن ولد لهما ولد ، فلا ينسب الولد لهذا الرجل مع علمه بحرمة وبطلان هذا النكاح ، وينسب له إن كان جاهلاً . والله أعلم .  


سؤال 21 : ما حكم الخطبة أثناء الإحرام بحج أو عمرة ؟ 

   الجواب : لا تجوز الخطبة أثناء الإحرام بالحج أو العمرة ، سواء كان ذلك تعريضًا أو تصريحًا ، وسواء كان المحرم أحدهما أو كلاهما. 

والدليل على ذلك ما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " لا يَنكِح المحرم ولا يُنكَح ولا يخطب "  

   وعلى هذا فلا يجوز لمن أحرم بحج أو عمرة أن يخطب أو يعقد عقد الزواج ، وإذا تم عقد الزواج أثناء الإحرام فهو عقد غير صحيح والنكاح باطل ، أما إذا خطبها أثناء الإحرام ولم يعقد عليها إلا بعد أن تحلل من الإحرام فالعقد صحيح ويأثم على خطبته أثناء الإحرام .  والله أعلم . 


سؤال 22 : هل يجوز أن يخطب المسلم امرأة مخطوبة لغيره ؟ 

   الجواب : لا يجوز للمسلم أن يتقدم لخطبة امرأة وقد علم أن مسلمًا سبقه لخطبتها ، لما ورد عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب "   . لكن هناك حالات يستثنى منها ذلك وهي : 

الأولى : إذا علم أن الخاطب الأول لم يوافقوا عليه .

الثانية : إذا أذن له الخاطب الأول ، لأن هذا حقه وقد أسقطه . 

الثالثة : إذا علم أن الخاطب الأول أعرض عن الخطبة .                 والله أعلم . 

سؤال 23 : ما الحكم لو تقدم لخطبتها وهو لا يعلم أنها خطبت ؟ أو يعلم لكنه لم يعلم هل قبلت خطبته أم رفضت ؟ 

   الجواب : إذا تقدم رجل لخطبة امرأة وهو يجهل أنه تقدم لخطبتها رجل قبله فليس عليه إثم ، أما إن علم بذلك لكنه يجهل الرد ، فهذا اختلف فيه أهل العلم على قولين : 

الأول : يرى بعض العلماء أنه يجوز له خطبتها لما ثبت في حديث فاطمة بنت قيس أنه خطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أمل معاوية فرجل ترب لا مال له ـ وفي رواية : صعلوك لا مال له ـ وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء ، ولكن أسامة .... أي انكحي أسامة "   . 

ففي هذا الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم أقر خطبة الثاني والثالث بعد الأول وهذا محمول على أنه لم يُجَب . 

الثاني : يرى البعض أنه لا يجوز خطبتها حتى يتثبت ، وأجابوا عن الحديث السابق بأنه يحتمل أن يكونا خطباها معًا ، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول ، وهذا ما رجحه فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "   .  والله أعلم .


سؤال 24: وماذا لو خطبها بعد علمه بالموافقة على الأول ثم عقد عليها ؟ 

    الجواب : إذا خطبها الثاني بعد الموافقة على الأول ، ثم عقد عليها ـ الثاني ـ يكون آثمًا لتعديه على حق أخيه المسلم ، لكن العقد صحيح ،وهو مذهب جمهور العلماء وهو الصحيح . 

وسئلت اللجنة الدائمة عن ذلك ؟ 

فأجابت : إذا كان الواقع كما ذكرت فعقد والد البنت للخاطب الثاني على ابنته صحيح ، لكن إقدامه على خطبتها لا يجوز إذا كان عالمًا بخطبة الأول ، وركونهم إليه ، وإن لم يكن عالمًا جازت "  

   وسئلت : وهل عليه كفارة إذا كان متأكدًا من ذلك ؟ 

   فأجابت : لا كفارة عليه ، وإن كان يعلم أنه خطب على خطبة أخيه ، فيستغفر الله وليتب إلى الله ، والتوبة تجُبُّ ما قبلها "  . والله أعلم . 


سؤال 25 : ما الصفات التي تراعى في اختيار الزوج ؟

    الجواب : كما أن هناك صفات ينبغي مراعاتها في اختيار الزوجة ـ قد مر ذكرها ـ فكذلك هناك أمور ينبغي مراعاتها في اختيار الزوج ومن هذه الأمور : 

(1) أن يكون على دين وخلق . لما ثبت في الحديث قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "    

(2) أن يكون من بيئة كريمة ، لما سبق في الحديث : " الناس معادن ........ " 

(3) ألا يكون عقيمًا حتى لا يفوت المقصود الأعظم من الزواج وهو إنجاب الأولاد وتكثير الأمة ، وقد مر بنا قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " فإني مكاثر بكم الأمم "  

(4) أن يكون قادرًا على النفقة على الزوجة ، لأنه مقصود لدوام العشرة ، وقد مر بنا قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفاطمة بنت قيس : " وأما معاوية فصعلوك لا مال له " والله أعلم .


سؤال 26 : هل يجوز للرجل أن يعرض بنته أو أخته للزواج ؟ 

   الجواب : يجوز للرجل أن يعرض بنته أو أخته على أهل الخير والصلاح ، وذهب بعض الفقهاء إلى استحباب ذلك . 

والدليل على ذلك قوله تعالى على لسان شعيب لموسى ـ عليه السلام : " قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيَّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج " ( القصص / 27 ) 

   وقد ورد في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي ـ وكان من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتوفي في المدينة ـ فقال عمر : أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال : سأنظر في أمري ، فلبثت ليالي ، ثم لقيني فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا ، قال عمر : فلقيت أبا بكر الصديق فقلت : إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ، فصمت أبو بكر فلم يرجع إليَّ شيئًا ، فلبثت ليالي ، ثم خطبها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأنكحتها إياه ‘ فلقيني أبو بكر فقال : لعلك وجدت عليَّ حين عرضت عليَّ حفصة فلم أرجع إليك شيئًا ؟ قال : نعم . قال أبوبكر : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليَّ إلا أني كنت علمت أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد ذكرها ، فلم أكن لأفشي سر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو تركها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبلتها "  

    فهذا الحديث صريح في جواز عرض المرأة للزواج ، ولا غضاضة في ذلك . بل يجوز للمرأة أن تعرض نفسها للزواج . فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : جاءت امرأة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعرض عليه نفسها قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ .... "   

   لكن لا يجوز بالطريقة التي تفعلها كثير من النساء في زماننا بالإعلان عن رغبتها في الزواج في الجرائد والمجلات وشبكات الإنترنت وبث صورتها وذكر مواصفاتها . فهذا يتنافى مع الحياء والحشمة والستر. والله أعلم . 


سؤال 27 : هل تستحب صلاة الاستخارة والاستشارة قبل الزواج ؟ 

   الجواب : يستحب لكل من الخاطب والمخطوبة أن يستخير الله ـ سبحانه وتعالى ـ في ذلك . فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : لما انقضت عدة زينب ـ يعني بنت جحش ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لزيد : اذكرها عليَّ ، قال زيد : فانطلقت ، فقلت : يا زينب أبشري أرسلني إليك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يذكرك ، فقالت ما أنا بصانعة شيئًا حتى أستأمر ربي ، فقامت إلى مسجدها ، ونزل القرآن وجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودخل بغير إذن "  

   وعليهما كذلك استشارة النصحاء ، وعلى المستشار أن ينصح لمن يستشيره ، ولا يخفي شيئًا من العيوب ، وقد نصح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفاطمة بنت قيس بقوله : " أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فضراب للنساء "  

   وسئلت اللجنة الدائمة عن ذلك؟

 فأجابت : يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض ، إذا كان الزوج لا يعرف ذلك ، حتى يكون على بصيرة ، لأن في عدم إخباره بذلك غشًا له ، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من غشنا فليس منا "      وقالت : من سئل عن شخص لمصلحة شرعية ، فإنه يجب على المسئول بيان ما يعرفه عنه حسب الحقيقة الواقعة ، ولا يجوز له أن يكذب على السائل "   والله أعلم.


سؤال 28 : ما حكم العلاقات العاطفية والاستمتاع قبل الزواج ؟ 

   الجواب : سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ : ما رأي الدين في العلاقات قبل الزواج ؟ 

فأجاب : قول السائلة قبل الزواج ، إن أرادت قبل الدخول وبعد العقد ، فلا حرج ، لأنها بالعقد تكون زوجته ، وإن لم يحصل مراسيم الدخول ، وأما قبل العقد أثناء الخطبة أو قبل ذلك فإنه محرم ولا يجوز ، فلا يجوز لإنسان أن يستمتع مع امرأة أجنبية منه ، لا بكلام ولا نظر ولا بخلوة . فقد ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم "   . والحاصل أنه إذا كان هذا الاجتماع بعد العقد فلا حرج فيه وإن كان قبل العقد ولو بعد الخطبة والقبول فإنه لا يجوز وهو حرام عليه لأنها أجنبية عنه حتى يعقد عليها " وقال : ... وثوران الشهوة على غير الزوجة والمملوكة حرام ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام "   .والله أعلم . 


سؤال 29 : ما هي منكرات وبدع الخطوبة ؟ 

   الجواب : يقع كثير من الناس في بعض المخالفات الشرعية التي تحدث منهم أثناء الخطوبة ، سواء من جانب الخاطب وأهله ، أو من جانب المخطوبة وأهلها ، ومن هذه المخالفات : 

(1) نظر أقارب الخاطب من الرجال إلى المرأة المخطوبة كأبيه وأعمامه وإخوانه قبل العقد ، كما لا يجوز لهم ذلك بعده إلا للأب فقط لأنه أصبح محرمًا لها ، وكذلك رؤية الخاطب وأقاربه الرجال لأم المخطوبة وأخواتها وخالاتها ، فلا يجوز ذلك قبل العقد ولا بعده ، إلا للخاطب فقط بعد العقد للأم فقط لأنها صارت من محارمه . 

(2) لبس ما يسمى بدبلة الخطوبة ، سواء كانت من ذهب أو من فضة ، للرجل والمرأة على السواء ، خاصة إذا كان هناك اعتقاد أنها تسبب محبة بين الزوجين ، فإنها تكون في هذه الحالة تميمة وهي محرمة ، حتى إن لم توجد هذه النية فلا تجوز . 

  قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " وإن لم توجد هذه النية ـ وهي بعيدة ألا تصحبها ـ ففيه تشبه بالنصارى ، فإنها مأخوذة منهم " 

(3) قراءة الفاتحة عند الخطبة ، اعتقادًا منهم أن هذا إلزام وعهد ، والعهود لا توثق بقراءة القرآن ، فهذا من المحدثات التي لم يفعلها السلف 

(4) تخصيص أيام معينة يهدي فيها الخاطب أو العاقد هدايا لها وهو ما يسمونه بالمواسم وقد تكون بعض هذه المواسم غير شرعية ، بل أعياد مبتدعة ، علمًا بأن الأصل في التهادي الإباحة لكن بدون تخصيص مناسبات . 

(5) قيام الخاطب ـ وقد يكون أمام الناس ـ بوضع ما يسمى بشبكة الخطوبة في يد المخطوبة ، وهذا يؤدي إلى أنه يمس يدها ، بل قد يمس رقبتها من أجل ذلك وهذا لا يجوز لأنه ما زال أجنبيًا عنها . 

(6) عمل الخطوبة في أماكن الاختلاط بين الرجال والنساء كالنوادي وصالات الأفراح المختلطة ، أما إذا خصصت أماكن للنساء وأماكن للرجال بدون اختلاط فلا بأس ، إذا خلت من الأمور الأخرى المحرمة كالموسيقى وغيرها. والله أعلم . 


سؤال 30 : ما حكم فسخ الخطبة ؟ 

   الجواب : الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج ومن مقدماته ، فإذا تمت الموافقة وركن كل منهما للآخر ، فأراد أحد الطرفين أن يفسخ الخطبة ويعرض عنها ، فإن كان ذلك بغير سبب وبدون مصلحة شرعية ، فهذا مكروه ، لأن فيه كسرًا لقلب الآخر.

 وإنما لم يحرم لأن الحق لم يلزم بعد ، فهو كمن ساوم على سلعة ثم بدا له أن لا يشتريها . 

وإن كان ذلك لغرض صحيح فلا كراهة في ذلك .

وإن كان السبب أن خاطبًا آخر تقدم لها فيحرم ذلك ، لأن فيه تعديًا على حق الخاطب الأول ، وقد مر بنا نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك بقوله : " ولا يخطب على خطبة أخيه "  . والله أعلم . 


سؤال 31 : ما حكم الرجوع بالهدية إذا فسخت الخطبة ؟ 

  الجواب : اختلف أهل العلم في ذلك على آراء أعدلها أن ذلك يتوقف على الشروط التي بينهما ، أو العرف الجاري ، فإن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا ، وبناءً على ذلك فإن المتعارف عليه ، أنه إن كان العدول من جهة الخاطب ، فلا رجوع له فيما أهداه ، وإن كان العدول من جهتها ، فله الرجوع بكل ما أهداه . 

   لكن لو ترك لها هذه الهدايا حتى وإن كان العدول من جهتها هي ، فذلك أولى حتى يسلم من الوقوع تحت وعيد هذا الحديث ، ألا وهو قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه "   وإن لم يفعل ـ أي لم يترك لها هذه الهدايا ـ فلا شيء عليه ، لأنه وهبها هذه الهدايا في مقابل عوض ، وليست هبة محضة ، فالرجوع فيها ليس كالرجوع في الهبة التي بلا عوض . والله أعلم . 

البــاب الثـالث (عقـــد النــكاح)

سؤال 32 : عرف عقد النكاح . وما أركانه ؟ 

   الجواب : عقد النكاح : هو عهد وميثاق واتفاق يتعاقد فيه رجل وامرأة لقصد استمتاع كل منهما بالآخر ، وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم "   

وعقد النكاح له ركنان هما : 

(1) الزوجان ، ويشترط خلوهما من الموانع ، فلا يكون بينهما مانع من الزواج بسبب نسب أو مصاهرة أو رضاع ، وأن تكون المرأة غير معتدة من طلاق أو وفاة .

(2) صيغة العقد ، وهي الإيجاب والقبول ، والإيجاب : هو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه كأن يقول : زوجتك ابنتي . والقبول : هو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه في العقد كأن يقول : قبلت . وبهذا يتم العقد "  . والله أعلم .

سؤال 33 : ما شروط الإيجاب والقبول ( الانعقاد ) ؟ 

   الجواب : لا يتحقق العقد ، وتترتب عليه آثار الزوجية إلا إذا توفرت فيه الشروط الآتية : 

1 ـ تمييز المتعاقدين . فإذا كان أحدهما مجنونًا أو صغيرًا لا يميز لا ينعقد الزواج . 

2 ـ اتحاد مجلس الإيجاب والقبول ، بمعنى ألا يفصل بين الإيجاب والقبول بكلام آخر ، أو بما يدل على الإعراض . المهم أن يكونا في مجلس واحد ولو تراخى المجلس وطال . لكن إن تفرقا قبل القبول بطل الإيجاب .

3 ـ ألا يخالف القبول الإيجاب ، إلا إذا كانت المخالفة إلى ما هو أحسن فمثلاً إذا قال : زوجتك ابنتي فلانة على مهر قدره مائة جنيه ، فقال : قبلت زواجها على مائتين انعقد الزواج .

4 ـ سماع كل من المتعاقدين ما يدل على أن المقصود من الكلام هو إنشاء عقد الزواج "  . والله أعلم . 


سؤال 34 : ما الألفاظ التي ينعقد بها الزواج ؟ 

   الجواب : عرفنا أن صيغة العقد عبارة عن إيجاب وقبول .

 أما بالنسبة للقبول فيتحقق بأي لفظ يدل على الموافقة أو الرضا مثل : رضيت أو قبلت أو وافقت أو أمضيت ... 

وأما بالنسبة للإيجاب فالفقهاء متفقون على أنه يصح بلفظ النكاح والتزويج وما اشتق منهما مثل زوجتك أو أنكحتك . لكنهم اختلفوا في انعقاده بغير هذين اللفظين كلفظ الهبة أو التمليك . 

فذهب بعضهم إلى أنه يجوز واستدلوا بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ زوج رجلاً امرأة فقال : " ملكتكها بما معك من القرآن "   وكذلك استدلوا بقوله تعالى : " وامرأة إن وهبت نفسها للنبي .... " ( الأحزاب / 50 ) 

   وذهب بعضهم إلى أنه لا يصح إلا بلفظ التزويج أو الإنكاح وما اشتق منهما ؛ لأن ما سواهما من الألفاظ كالتمليك والهبة لا يدل على الزواج .

 وأجابوا عن الحديث بأنه ورد بلفظ " زوجتكها بما معك من القرآن " 

وأجابوا عن الآية بأن هذا من خصوصيات النبي ـ صلى الله عليه وسلم . والله أعلم .

سؤال 35 : هل يجوز عقد الزواج بغير اللغة العربية ؟ 

   الجواب : اتفق الفقهاء على جواز العقد بغير اللغة العربية إذا كان العاقدان أو أحدهما لا يفهم اللغة العربية . 

لكنهم اختلفوا فيما إذا كان العاقدان يفهمان اللغة العربية :

- فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز العقد بغير اللغة العربية مع القدرة عليها وفهمها .

- وذهب البعض إلى أن ذلك جائز ، طالما تحقق الإيجاب والقبول بغض النظر عن اللغة التي أديا بها . 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " إنه ـ أي النكاح ـ وإن كان قربة ، فإنما هو كالعتق والصدقة ، لا يتعين له لفظ عربي ولا عجمي "  

    وكذلك الأخرس يصح زواجه بإشارته إن فهمت منه أو بكتابته ، لأنهما تقومان مقام الكلام ، فإن لم تفهم إشارته أو كان لا يحسن الكتابة انتقلت الولاية إلى غيره .                والله أعلم .


سؤال 36 : هل يصح عقد الزواج للغائب ؟ 

  الجواب : إذا كان أحد طرفي العقد غائبًا ، وأراد أن يعقد الزواج ، فعليه أن يرسل رسولا ، أو يكتب كتابًا للطرف الآخر يطلب الزواج ، وعلى الطرف الآخر ـ إذا كان له رغبة في القبول ـ أن يحضر الشهود ويسمعهم عبارة الكتاب أو رسالة الرسول ، ويشهدهم في المجلس على أنه قبل الزواج "   . وبهذا يتم الزواج له كما لو كان شاهدًا ، ولا تأثير لغيابه على صحة العقد "  .  والله أعلم .


سؤال 37 : ما شروط صيغة العقد ؟ 

    الجواب : اشترط الفقهاء لصيغة العقد ( الإيجاب والقبول ) شروطًا هي : 

أولاً : أن تكون بلفظين وضعا للماضي كأن يقول : زوجتك ابنتي فيقول : قبلت ، أو وضع أحدهما للماضي والآخر للمستقبل ، كأن يقول : أزوجك ابنتي ، فيقول : قبلت .  

ثانيًا : أن تكون صيغة العقد منجزة ، بمعنى أن تكون مطلقة غير مقيدة ، فلا تكون معلقة على شرط قد يتحقق وقد لا يتحقق ، كأن يقول الخاطب للولي : إن توظفت في الوظيفة الفلانية تزوجت ابنتك ، فيقول الأب : قبلت ، فإن الزواج لا ينعقد . أما إن كانت معلقة على شرط محقق في الحال انعقد الزواج ، مثل أن يقول : إن كانت ابنتك سنها عشرون سنة تزوجتها ، فيقول الأب : قبلت ، وسنها فعلاً عشرون سنة . 

ثالثًا : يجب ألا تكون الصيغة مضافة إلى زمن مستقبل ، كأن يقول الخاطب : تزوجت ابنتك غدًا أو بعد شهر ، فيقول الأب : قبلت ، فلا ينعقد الزواج لا في الحال ، ولا عند حلول هذا الزمن . 

رابعًا : لا تكون الصيغة مقترنة بوقت معين ، كأن يتزوج لمدة معينة كشهر أو سنة ، وهذا ما يسمى بزواج المتعة ـ الذي يفعله الروافض إلى يومنا هذا ـ وهو حرام ، كما سيأتي الحديث عنه إن شاء الله تعالى.  والله أعلم . 


سؤال 38 : ما المخالفات التي تحدث عند عقد الزواج ؟ 

   الجواب : هناك بعض المخالفات والأمور الباطلة يعتقدها أو يفعلها بعض الناس عند العقد ومنها : 

(1) تشاؤم بعض الناس ببعض الأمور أثناء صيغة العقد مثل تشبيك الأصابع أو فرقعتها ظنًا أن ذلك يؤثر في حياة الزوجين . 

سئلت اللجنة الدائمة عمن يشبك أصابعه أو يكسر أعوادًا أثناء عقد النكاح فأجابت : " يجب التوكل على الله ، والاعتماد عليه سبحانه ، وترك الشكوك والوساوس ، وأن يجري عقد النكاح في مكان لا يحضره من يُشَك في عقيدتهم وأعمالهم السحرية ..... "   

  (2) اعتقاد أنه لا يصح العقد إلا بوضع منديل على اليدين أثناء العقد. 

  (3) اعتقاد عدم جواز العقد في شهر شوال ، وقد صح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوج عائشة ـ رضي الله عنها ـ في شوال . 

  (4) تلاعب البعض بعقد الزواج ، كمن يعقد عقدًا صوريًا ليحصل على أغراض ليست من حقه ، كمن يعقد للحصول على الجنسية ،  وكذلك ما يفعله أهل الفسق والفجور والمجون من الممثلين والممثلات ـ كذبًا وزورًا ـ في الأفلام والمسلسلات من عقد بالتمثيل .

 (5) اعتقاد أن عقد النكاح في المسجد من السنة ، وهذا غير صحيح ، ويستدلون بالحديث : " اعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد  " وهذا حديث ضعيف إلا أوله وهو : " أعلنوا النكاح " لكن إن تم العقد في المسجد فلا بأس يذلك بشرط أن يصان المسجد من المنكرات التي قد تحدث أثناء العقد . 

(6) اشتراط كون العقد على أحد المذاهب ـ كما يحدث عندنا في مصر في بعض البلاد ـ فالعقد صحيح بدون اشتراط هذا الشرط .

(7) أمر المأذون الحاضرين بقراءة الفاتحة قبل العقد أو بعده .

(8) إصرار المأذون على أن يقوم بنفسه بأخذ البصمة من يد الفتاة التي سَيُعقد عليها ويمسك بيدها وقد ينظر إليها وفي الغالب في هذه اللحظة أن تكون متزينة ، ومن الممكن أن يكلف أحد محارمها لإجراء ذلك . 

(9) بالإضافة إلى المنكرات الأخرى من الاختلاط بين النساء والرجال والموسيقى والرقص بين الرجال والنساء والتدخين وغيرها. والله أعلم . 


سؤال 39 : ما حكم تسجيل العقد في الوثائق الحكومية ؟ وما حكم المال الذي يأخذه المأذون على العقد ؟ 

    الجواب : تسجيل عقود الزواج في الوثائق الرسمية أمر لم يعرف قديمًا في الصدر الأول ، وإنما عمل به متأخرًا ، وهو عمل حسن ، بل يستحب ذلك ـ خصوصًا لما خربت الذمم ولا يحفظ الحقوق إلا بالوثائق  الرسمية المعتمدة لدى الجهات القضائيةـ وهو من المصالح المرسلة ، فبه تحفظ الحقوق من المصاهرة والنسب والميراث والمهر والنفقة وغير ذلك.

 لكن لا تتوقف صحة العقد والنكاح على هذه الوثيقة ، وإنما هي لضمان الحقوق ، وترى اللجنة الدائمة وجوب تسجيله إذا توقف عليه ما للطرفين من المصالح الشرعية "  

    أما المأذون فهو نائب عن السلطان في عقود الزواج ، لذلك اعتبره بعض أهل العلم وليًا للمرأة إذا لم يكن لها ولي ، لأن السلطان ولي من لا ولي له.

 والمال الذي يبذل له يجوز أخذه سواء بطلب منه  ، أو بدون طلب ، إذا كان لا يتقاضى راتبًا من الدولة على هذا العمل ، وإلا فلا يجوز "  . كما أنه ينبغي عليه أن يرفق بالناس ولا يغالي في المقابل .                                                         والله أعلم . 


سؤال 40 : هل يجوز عقد الزواج عن طريق التليفون ؟ 

   الجواب : سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك؟

 فأجابت : نظرًا إلى ما كثر في هذه الأيام من التغرير والخداع ، والمهارة في تقليد بعض الناس بعضًا في الكلام وإحكام محاكاة غيرهم في الأصوات ... ونظرًا إلى عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض والاحتياط لذلك أكثر من الاحتياط لغيرها من عقود المعاملات ، رأت اللجنة أنه ينبغي ألا يعتمد في عقود النكاح في الإيجاب والقبول والتوكيل على المحادثات التليفونية ..... "   . 

لكن إذا أمنت هذه المفاسد صح العقد والأولى عدم استخدام هذه الوسائل إلا في حالة الضرورة القصوى . وفي وجود الوكيل في العقد قد لا توجد هذه الضرورة فبإمكان العاقد إذا كان غائبًا ـ كما مر ـ أن يوكل من يجري له عقد النكاح . والله أعلم . 


سؤال 41 : هل يصح العقد من غير المأذون المعين من الدولة في هذا المكان ؟ 

   الجواب : سئلت اللجنة الدائمة : هل يتعين للزواج أن يقوم بعقده شخص يتولى تلقين ولي الزوجة الإيجاب وتلقين الزوج القبول ؟ 

أم يصح دون ذلك الشخص  إذا كان النكاح مستكملاً شروطه وأركانه ؟ 

   فأجابت : إذا كان الامر كما ذكر في السؤال من الإيجاب والقبول منك ومن أبيها ومن الصداق ، مع حضور الشهود ورضا البنت المسماة في العقد ، فالنكاح صحيح ، وإن لم يتولَّ عقد النكاح شخص آخر ، فإن ذلك ليس بشرط في صحة النكاح ولا كماله ، وإنما ألزمت الحكومة رعيتها بإجراء العقد على يد من أذنت له في ذلك وكتابته ؛ قضاءً على الفوضى ومنعًا للتلاعب ، ومحافظة على النسب والأعراض ، وطاعة ولي الأمر في ذلك وأمثاله واجبة ، لما في ذلك من إعانته على ضبط شؤون رعيته وتحقيق المصلحة لهم "  . والله أعلم . 


سؤال 42 : ما الذي يحل للزوج من زوجته بعد العقد ؟ 

 الجواب : إذا تم العقد بالشروط الشرعية ، فهما زوجان في شريعة الله ، ويجوز لهما الجلوس والحديث والخلوة ، وقد سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك؟

 فأجابت : يحل ما يحل للزوج من زوجته التي دخل بها من النظر والقبلة وخلوة وسفر بها وجماع ... "  

  لكن لا بد هنا من مراعاة العرف الجاري بين الناس في أنهم تعارفوا على ألا يدخل بها إلا في ليلة الزفاف ، ولهذا لا يدخل بها إلا إذا أذن له وليها قبل ليلة الدخول .

                                                                                          والله أعلم .


سؤال 43 : ما شروط عقد النكاح ؟

   الجواب : كما أن لعقد الزواج أركانًا أسلفنا الحديث عنها فله شروط لا يصح إلا بها ، وهذه الشروط هي :

- تعيين الزوجين .

- رضا الزوجين.

- وجود الولي .

- الشهود .

 هذه هي الشروط باختصار ولكل شرط منها أحكام تتعلق به ، نفصل الحديث عنها في الصفحات التالية. والله أعلم . 


سؤال 44 : من شروط النكاح تعيين الزوجين . فما الحكمة في ذلك ؟ 

   الجواب : يشترط تعيين الزوجين ؛ لأن النكاح لا بد فيه من الإشهاد ، والإشهاد لا يكون على مجهول.

- فلا يكفي لولي الزوجة أن يقول : زوجتك ابنتي وعنده أكثر من بنت! 

- ولا يكفي لوكيل الزوج ـ مثلاً ـ أن يقول : قبلت زواج ابنتك لمن وكلني دون أن يسميه . 

   ويكون التعيين :

- إما بالوصف الذي تزول به الجهالة ، كأن يقول : الطويلة ، أو القصيرة ، أو المتعلمة .

- ويكون بالاسم كأن يقول : زوجتك ابنتي فلانة ويسميها.

- ويكون بالإشارة كأن يقول : زوجتك ابنتي هذه ويشير إليها .

 فإذا كان له ابنة واحدة ولم يصفها ولم يسمها ولم يشر إليها جاز ذلك ، فإذا قال : زوجتك ابنتي صح ذلك ؛ لأنه ليس له غيرها . والله أعلم . 


سؤال 45 : ما الدليل على أن رضا الزوجين من شروط النكاح ؟ 

   الجواب : الدليل على هذا ما ورد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، قالوا : يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت "  

  فمما يدل على أنه لا يتم العقد إلا بذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تنكح البكر ... ولم يستثن ـ وفي رواية في صحيح مسلم : " والبكر يستأمرها أبوها "

  فدل ذلك على أنه لا أحد يجبر البنت على النكاح . 

واستثنى العلماء المعتوه والمجنون والصغير فإنهم يزوجون بغير إذنهم. 

                                                                                       والله أعلم . 

سؤال 46 : هل كلام البكر وسكوت الثيب يعتبر إذنًا ؟ 

   الجواب : عرفنا من خلال الحديث السابق أن إذن البكر هو السكوت ، لكن لو تكلمت بالموافقة فهذا أبلغ من السكوت على الموافقة ، وعرفنا كذلك أن الثيب تستأمر ، ومعنى تستأمر أي تشاور في ذلك ويؤخذ رأيها فتنطق به . وعلى هذا فسكوتها لا يعد إذنًا منها .  

والعجيب أن ابن حزم ـ رحمه الله ـ بظاهريته يقول : أن البكر إذا صرحت بالرضا يعني لو تكلمت بالموافقة لم يكن إذنًا ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل : كيف إذنها ؟ قال : أن تسكت "!!

 وهذه ظاهرية شديدة ، فإذن البكر أدناه الصمت وأعلاه النطق ، لكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعل الصمت دليلاً على الرضا ؛ لأن الغالب في الأبكار الحياء وعدم التصريح في هذا الأمر "   .  والله أعلم . 


سؤال 47 : هل يجوز إجبار البنت أو المرأة على الزواج ؟

   الجواب : عرفنا أن رضا الزوجين من شروط عقد النكاح ، فإذا فقد هذا الشرط لم يصح عقد النكاح . 

وعلى هذا فلا يجوز إجبار البنت على الزواج ، لما مر بنا من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ولا تنكح البكر حتى تستأذن . قالوا : يا رسول الله . وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت " إذن لا بد من إذنها . 

   لكن استثنى بعض العلماء البكر الصغيرة التي لم تبلغ ، فأجازوا أن يزوجها أبوها بدون إذنها ، لأنها لا تكاد تدري شيئًا عن مصلحتها ، وجعلوا ذلك خاصة للأب ، وأما غيره من الأولياء فليس له ذلك .

 قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء "   

 واستدلوا على ذلك بأن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ زوج ابنته عائشة ـ رضي الله عنها ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي بنت ست سنين ، وبنى بها وهي بنت تسع سنين "   .

 وفيما عدا ذلك فجمهور العلماء على أن الصغيرة لا تجبر أو لا تزوج بغير إذنها.

 أما الثيب البالغ فلا يجوز تزويجها بغير أن تستأمر ، وذلك بالنطق بنعم أو ما يدل على الموافقة ، بشرط النطق ، وسواءً كان الولي أبًا أو جدًا أو غيرهما ، ويجوز لها أن ترد النكاح إذا زوجت بغير رضاها ، ومما يدل على ذلك . ما ورد عن خنساء بنت خدام الأنصارية ـ رضي الله عنها أن أباها زوجها ـ وهي ثيب ـ فكرهت ذلك ، فأتت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرد نكاحها "   

   وعلى هذا نقول للذين يجبرون بناتهم على الزواج بغير رضاهن ، ويصرون على ذلك ويتم الزواج على هذه الصورة ، لقد خالفتم هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فأقلعوا عن هذا الأمر ، فلا إجبار للبنت على الزواج . والله أعلم . 


سؤال 48 : ما الحكم لو أجبرت على الزواج ؟ 

   الجواب : مر بنا أنه يجوز للأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر بغير رضاها ، أما البكر البالغ والثيب ـ كما مربنا ـ فلا يجوز تزويجها بغير رضاها ولا بغير إذنها . لكن اختلف العلماء في هذا الإذن هل هو شرط أم مجرد تطييب لنفسها ، والراجح الأول وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "  

   وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " والحاصل أنه لا يجوز أن تجبر البكر البالغ على النكاح ، ولا تزوج إلا برضاها ، فإن وقع لم يصح العقد ، وهذا مذهب الأوزاعي والثوري والحنفية وغيرهم ، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم "  اهـ . ومما يؤيد هذا ما ثبت في الحديث عن جابر ـ رضي الله عنه ـ : " أن رجلاً زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها ، فأتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففرق بينهما "                     والله أعلم . 


سؤال 49 : هل رفض طاعة الأب في الزواج يُعَدُّ عقوقًا ؟ 

   الجواب : كثير من الأبناء والبنات إذا أصر الأب على زواج ابنه من فتاة معينة ، أو أصر على زواج ابنته من شخص معين يوافق على هذا الزواج رغم عدم رضاه ، وذلك خوفًا من عقوق الوالدين ، وقد يترتب على هذا الزواج مفاسد وأضرار كثيرة . والصحيح أن رفض الزواج ممن رضيه الأب لا يعد عقوقًا . 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد ، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقًا ، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى "  

   وسئلت اللجنة الدائمة : ... وهل إذا رفضت  ذلك يعتبر عصيانًا لوالدها ؟ 

     فأجابت : لابد من أخذ موافقة المرأة على تزويجها بمن ترغب من الأشخاص ، سواء كانت بكرًا أو ثيبًا ، وإذا امتنعت من الزواج ببعض الأشخاص لا يكون ذلك عقوقًا لوالدها ؛ لأن ذلك حق لها "  . والله أعلم . 


سؤال 50 : هل يجوز تزويج الصغيرة التي لم تبلغ سن المحيض ؟

   الجواب : نعم . يجوز ذلك ، لأن الله تعالى يقول : " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن " ( الطلاق / 4 ) 

   ووجه الاستدلال من الآية الكريمة أن الله ـ عز وجل ـ جعل عدة التي لم تحض ثلاثة أشهر ، فمفهومه أن التي لم تحض جاز تزويجها . ويدل على ذلك أيضًا ما مر بنا من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوجها وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين " 

   لكن أنبه هنا إلى أنه لا بد من مراعاة حالها في الوطء ، فلا يمكَّن منها أي من وطئها حتى تصلح وتتحمل الوطء .  والله أعلم . 


سؤال 51 : هل هناك تحديد لسن الزواج في الإسلام ؟ 

   الجواب : ليس في الإسلام سن محددة للتزويج سواء من قبل المرأة أو من قبل الرجل . لكن مما يؤسف له أن بعض البلاد الإسلامية سنت قوانين لا تجيز الزواج قبل سن معينة ، وهذا ليس مراعاة للمصلحة ، وإنما هو تمشيًا مع رغبات ومخططات أعدائنا الذين يزعجهم كثرة نسل المسلمين . وقد مر بنا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوج عائشة ـ رضي الله عنها ـ وعمرها ست سنوات . 

   لكن بالنسبة للفرق بين عمر الرجل وعمر الفتاة فيمكن اعتباره ومراعاته ، فإذا كان الرجل قد طعن في السن وبلغ السبعين أو الثمانين فتزويجه من فتاة صغيرة في العاشرة أو أكبر قليلاً ليس من المصلحة ، بل قد يكون فيه ضرر من ناحية الإعفاف فمثل هذا ـ غالبًا ـ لا يعفها .

      وقد ورد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : " خطب أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ فاطمة ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إنها صغيرة ، فخطبها علي فزوجها منه "   . على أن ذلك جائز وليس حرامًا ونقل الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ الإجماع على جواز تزويج الصغيرة بالكبير ولو كانت في المهد قال : لكن لا يمكن منها حتى تتحمل الوطء "   . والله أعلم .


سؤال 52 : هل يجوز تزويج اليتيمة قبل بلوغها ؟

   الجواب : نعم . يجوز تزويج اليتيمة ، والدليل على ذلك ما ورد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " تستأمر اليتيمة في نفسها ،فإن سكتت فهو إذنها .... "   

   وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " تستأمر اليتيمة في نفسها ، فإن سكتت فقد أذنت ، وإن أبت لم تكره "   

    فهذه الأحاديث تدل على جواز تزويج اليتيمة ـ أي التي لم تبلغ ـ لكن لا بد مع ذلك من أخذ إذنها وموافقتها وإلا فلا إكراه عليها .  والله أعلم . 


سؤال 53 : من شروط النكاح : الولي . فمن الولي في النكاح ؟ وما الدليل على أنه شرط في صحة النكاح ؟ 

 الجواب : الولي هو من يملك الأمر ويقوم به ، يقال : وليه ولاية : أي ملك أمره وقام  به . والولي : هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها مثل الأب والجد من قبل الأب ، والابن وابن الابن وإن نزل ، والأخ الشقيق والأخ من الأب ، والعم الشقيق ، والعم من الأب وأبنائهم ، والأقرب فالأقرب . 

   وقد وردت الآيات والأحاديث في إثبات الولاية ، ولا يتم النكاح إلا بها ، ومن هذه الأدلة : 

ـ قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " ( البقرة / 232 ) ووجه الدلالة من الآية : أنه لو لم يكن الولي شرطًا لكان عضله لا أثر له ، لأنها ستقول : عضلت أم لم تعضل أنا أزوج نفسي "  

ـ قوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ( البقرة / 221 ) 

ـ قوله تعالى : " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"(النور/ 32 )

  ففي هاتين الآيتين المخاطب بإنكاح المرأة هم الرجال . 

    أما من السنة : 

ـ قوله صلى الله عليه وسلم : " لا نكاح إلا بولي "   وفي لفظ : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل "  

ـ قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له "  

ـ قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها ، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها "   وهذا الحديث الأخير فيه بيان أن ما يسمى بالزواج العرفي باطل وهو أن تذهب البنت مع شاب وتزوجه نفسها بدون إذن وليها ولو أحضرت شهودًا ، فهذا زنا وليس بزواج أصلاً وهذه المرأة زانية وهذا الذي فعل ذلك معها هو زان . والآيات والأحاديث في ذلك ـ أي في إثبات الولي ـ كثيرة 

 وننتقل إلى أقوال العلماء في ذلك ومنها : 

ـ قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ : " وقد اختلف العلماء في اشتراط الولي في النكاح ، فذهب الجمهور إلى ذلك وقالوا : لا تزوج المرأة نفسها أصلاً ..... وذكر ابن المنذر أنه لا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك "  

ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : " وقد دل عليه ـ أي الولي ـ القرآن في غير موضع ، والسنة في غير موضع ، وهو عادة الصحابة ، إنما يزوج النساء الرجال ، ولا يعرف أن امرأة تزوج نفسها ، ولهذا قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : " لا تزوج المرأة نفسها ، فإن البغي هي التي تزوج نفسها "  . ولكن لا يكتفى بالولي حتى يُعلن ـ أي النكاح "   

ـ قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ : " ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنة العم ومنعها من التزويج من غيره ، وهذا منكر عظيم ، وسنة جاهلية ، وظلم للنساء ، وقد وقع بسببه فتن كثيرة ، وشرور عظيمة من شحناء ، وقطيعة رحم ، وسفك دماء وغير ذلك "   انتهى . والله أعلم .

 

سؤال 54 : ما هي موانع الولاية في النكاح ؟ 

    الجواب : هناك بعض الموانع التي تمنع أن يكون الولي أهلاً لولايته في تزويج المرأة ومن هذه الموانع : 

أولاً : صغر السن . فلا ولاية لصبي ، لسلب ولايته ، ولأنه لا يملك العقد لنفسه ، فلا يملكه لغيره . 

ثانيًا : الجنون : لأن المجنون لا ولاية له على نفسه ، فأولى أن يزيلها عن غيره. 

ثالثا : الرق . وهذا المانع اختلفوا فيه ، فذهب البعض إلى أن الرق لا يمنع الولاية ، وذهب بعضهم إلى أن العبد لا ولاية له . 

رابعًا : السفه . وهذا المانع أيضًا اختلفوا فيه ، فيرى بعض العلماء أنه لا تسقط ولا السفيه ، سواء حجر عليه أم لا ، لأن الحجر عليه كان لحفظ ماله ، وهذا السبب غير موجود في النكاح . وذهب بعضهم إلى أن ولاية السفيه تسقط ، لأنه لا يلي أمر نفسه ، فمن باب أولى ألا يلي أمر غيره ؛ لأنه لما زالت ولايته عن نفسه ، فأولى أن تزول عن غيره . 

خامسًا : الفسق . ذهب بعض العلماء إلى أن الفاسق تسقط ولايته في النكاح ، واستدلوا بهذا الحديث : عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعًا : " لا نكاح إلا بولي رشد وشاهدي عدل "    في إحدى رواياته . فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث وصف الولي بالرشد ، فلو كان غير رشيد فتسقط ولايته . 

      وقال بعض العلماء : فسق الولي لا يبطل عقده ، لأن كل من جاز أن يقبل النكاح لنفسه ، جاز أن يليه على نكاح غيره كالعدل ، لكن لا بد من أمانته ، قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " والصحيح في هذه المسألة أنه لا بد أن يكون الولي مؤتمنًا على موليته "  

سادسًا : العمى . فالعمى عند بعض الفقهاء مانع من موانع الولاية ، لأنه يحتاج إلى البصر في اختيار الزوج ، والعمى يمنعه من ذلك ، وعليه فلا تصح ولايته . وعند بعض العلماء يجوز أن يكون الأعمى وليًا وعقده صحيح ، ويمكنه معرفة أحوال الخاطب بالسؤال والبحث . وهذا هو الصحيح أن العمى ليس مانعًا من ولاية التزويج 

سابعًا : الكفر . فلا يجوز للمسلم أن يزوج ابنته الكافرة ، ولا الكافر أن يزوج ابنته المسلمة ، لانقطاع الموالاة بينهما ، لأن اتفاق الدين بينهما هو شرط ثبوت الولاية لقوله تعالى : " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " ( الأنفال / 73 )    والله أعلم .


سؤال 55 : ما الحكم لو انعدم وجود الولي ؟ 

   الجواب : في حالة انعدام الولي الذي يزوج المرأة ، فالسلطان هو وليها ، لما مر بنا في الحديث : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل ....... وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له "   وقد جرت العادة أن السلطان لا يباشر ذلك بنفسه ، فهنا من ينوب عنه ، والذي ينوب عن السلطان في زماننا هو المأذون الشرعي .

 وترى اللجنة الدائمة أن وليها في هذه الحالة القاضي الشرعي "  .

                                                                             والله أعلم . 

سؤال 56 : هل يصح أن يتولى إنسان واحد طرفي العقد ؟ 

   الجواب : المعروف في العقد أن له طرفين : الزوج أو وكيله ، وولي الزوجة ، لكن يجوز أن يتولى شخص واحد طرفي العقد ، وصورته : أن يكون هو أحد طرفي العقد عن نفسه ( يعني هو الزوج ) وبالولاية عن الزوجة كأن يكون هو ابن عمها وليس لها ولي أقرب منه ، فيقول أمام الشهود : أشهدكم أني تزوجتها ، أو أشهدكم أني زوجت نفسي ابنة عمي فلانة . 

   وكذلك إذا كان هو وكيلاً عن الزوج ، وعن ولي الزوجة ، فيوكله الزوج أن يزوجه ، ويوكله ولي الزوجة أن يزوجها ، فلو كان الزوج وولي الزوجة يعملان في خارج البلاد، ووكل كل منهما هذا الرجل أن يزوجها صح ذلك ، فيقول أمام الشهود : زوجت ابنة موكلي فلان ( فلانة ) إلى موكلي فلان. والله أعلم. 

سؤال 57 : ما حكم عضل الولي للمرأة في الزواج ؟ 

   الجواب : العضل هو : منع المرأة من تزويجها بكفء لها إذا طلبت ذلك . ولا يجوز للولي عضل المرأة أي منعها ممن تريد الزواج منه ، إذا كان كفؤاً لها . قال تعالى : " ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " ( البقرة / 232 ) 

   وإذا منعها الولي جاز للسلطان أن يزوجها ، أو تنتقل الولاية إلى من هو أبعد منه ـ من الولي العاضل ـ باتفاق أهل العلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " وإذا رضيت رجلاً وكان كفؤاً لها ، وجب على وليها كالأخ أو العم أن يزوجها به ، فإن عضلها أو امتنع عن تزويجها زوجها الولي الأبعد منه أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء ، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه ، إذا كان كفؤًا لها باتفاق الأئمة "   . لكن لا يزوجها السلطان إلا إذا لم يوجد لها ولي ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نص على ذلك بقوله : " فالسلطان ولي من لا ولي له " 

   وقد ورد في سبب نزول هذه الآية : " ... فلا تعضلوهن ... " عن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ قال : كانت لي أخت تخطب إلى ، فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه ، ثم طلقها طلاقًا له رجعة ، ثم تركها حتى انقضت عدتها ، فلما خطبت إلىَّ أتاني يخطبها ، فقلت : لا والله لا أنكحها أبدًا قال : ففيَّ نزلت هذه الآية : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن قلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " ( البقرة 232 ) قال : فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه "  . والله أعلم . 


سؤال 58 : ما الحكم في امرأة زوَّجها وليان أحدهما زوَّجها لشخص ، والآخر زوَّجها لشخص آخر ؟ 

   الجواب : إذا زوَّج أحد الوليين قبل الآخر؛ فنكاح الأول جائز، ونكاح الآخر مفسوخ وباطل.

 وإذا زوَّجاها جميعًا ـ أي في وقت واحد ـ فنكاحهما جميعًا مفسوخ .

 وقد عمل أهل العلم على حديث ورد عن سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما ..." لكن هذا الحديث ضعيف ـ كما قال أهل العلم ـ قال الترمذي ـ وهو راوي الحديث ـ والعمل على هذا عند أهل العلم لا نعلم بينهم في ذلك اختلافًا ". والله أعلم . 

سؤال 59 : هل يصح تزويج الولي الأبعد من غير عذر ؟

 وماذا لو كان الولي الأقرب لا يصلي ؟ 

   الجواب : لا يصح تزويج الولي الأبعد مع وجود الولي الأقرب ، لأن قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إلا بولي " هذا وصف مشتق من الولاية ، فيقتضي أن يكون الأولى هو الأحق ، ولا حق لمن وراءه مع وجوده ، هذا في حالة ما إذا لم يوكله الولي الأقرب أو يفوض الأمر إليه أو في حالة عدم وجد عذر يمنع الولي الأقرب من مباشرة العقد .

 مثال ذلك : امرأة لها أب ولها عم فزوجها عمها مع وجود أبيها من غير عذر ولا توكيل فلا يصح هذا النكاح . 

    أما إذا كان الولي الأقرب لا يصلي فزوجها الأبعد صح الزواج ؛ لأن الأقرب ليس أهلاً للولاية .  والله أعلم . 

سؤال 60 : هل الإشهاد شرط في صحة الزواج ؟ 

   الجواب : اختلف العلماء في اشتراط الشاهدين في صحة الزواج  وذلك بناء على اختلافهم في تصحيح أو تضعيف الحديث الوارد في ذلك وهو : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل "   فمن صحح الحديث اشترط الشاهدين العدلين في صحة النكاح ، ومن لم يصح عنده الحديث لم يشترط الشاهدين في صحة النكاح . 

   لكن حتى ولو لم نقل بصحة الحديث ـ بناء على قول البعض ـ فإن العمل على هذا

منذ زمن الصحابة إلى يومنا هذا . قال الترمذي : " والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن بعدهم من التابعين وغيرهم قالوا : لا نكاح إلا بشهود لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم ، إلا قومًا من المتأخرين من أهل العلم "   

   وقال شيخ الإسلام ما ملخصه : " ... ولهذا إذا كان النكاح في موضع لا يظهر فيه كان إعلانه بالإشهاد ، فالإشهاد قد يجب في النكاح ، لأنه قد يعلن ويظهر ، لا لأن كل نكاح لا ينعقد إلا بشاهدين .... وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان فهذا الذي لا نزاع في صحته ، وإن خلا عن الإشهاد والإعلان فهو باطل عند العامة "  

   لكن الأمور قد تعقدت في زماننا ، والإشهاد على الزواج لا بد منه ، لأن الوثائق الخاصة بالزواج تنص على ذلك ولا بد فيها من الشاهدين . 

وقد أفتت اللجنة الدائمة بذلك فقالت :

 " لا يكفي في عقد النكاح اتفاق ولي المرأة مع من خطبها منه على تزويجه إياها دون إشهاد على العقد ، ولو تم الإيجاب والقبول منهما ، بل لا بد من حضور شاهدين عدلين حين العقد ، لما روي من قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " ولأن الاكتفاء في عقد النكاح باتفاق ولي المرأة مع من خطبها دون شهادة عدلين ذريعة إلى الزنا "  .  والله أعلم . 

سؤال 61 : هل تكفي الشهادة دون الإعلان للزواج ؟ 

   الجواب : لا تكفي الشهادة وحدها دون إعلان النكاح ، وهذا ما يسمى بنكاح السر ، وقد ورد عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة ، فقال : هذا نكاح السر ولا أجيزه ، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت "   فعمر ـ رضي الله عنه ـ اعتبره نكاح السر ، لأن الشاهدين لم يكونا رجلين ، فكيف لو انعدم الشاهدان أصلاً ؟!!

 بل ذهب شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ إلى أن النكاح بدون إعلان لا يصح حتى مع وجود الشاهدين ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بإعلان النكاح فقال : " أعلنوا النكاح "   قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " لأن نكاح السر يخشى منه المفسدة حتى لو كان بالشروط ، لأنه يمكن أن يزني واحد ـ والعياذ بالله ـ بامرأة ثم يقول : تزوجتها ، ثم يأتي بشاهدي زور ويشهدان "  .  والله أعلم . 


سؤال 62 : هل تشترط الذكورة والعدالة في الشاهدين ؟ 

   الجواب : لا يصح النكاح إلا بشاهدين ذكرين عدلين ، وذلك بنص الحديث الوارد في الشهادة ألا وهو قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل "  فقوله : وشاهدي عدل " نص على الذكورة وعلى العدالة .

 إذن لا بد أن يكون الشاهدان رجلين ويتصفان بالعدالة؛ فامرأتان ورجل لا تقبل شهادتهم ، ورجل وامرأة لا تقبل من باب أولى ، وامرأتان لا تقبل ، وأربع نساء لا تقبل . 

   لكن اختلفوا في العدالة هل لا بد أن تكون ظاهرًا وباطنًا أم يكتفى بالعدالة الظاهرة ؟!! 

الصحيح : أن العدالة الظاهرة تكفي ، لأن تحري العدالة الباطنة أمر فيه مشقة ، فاكتفي بعدالة الظاهر ، وهي ألا يكونا مشهورين بارتكاب الكبائر والمجاهرة بها وأن يقلا من ارتكاب الصغائر . وعلى هذا لا بد أن يتحرى الابتعاد عن الفاسقين المعروفين بفسقهم حتى يطمئن على صحة النكاح .  والله أعلم . 

البـاب الـرابـع (الكـفـاءة)

سؤال 63 : ما معنى الكفاءة ؟ وما أنواعها ؟ 

   الجواب : الكفاءة هي المساواة والمماثلة، يقال : هذا الرجل كفء لهذه المرأة أي : يساويها ويماثلها ، والكفء هو المثيل والنظير ، قال تعالى نافيًا الكفء والنظير والمثيل له : " ولم يكن له كفوًا أحد " ( الإخلاص / 4 ) وفي قراءة : " ولم يكن له كفؤًا أحد " .

 والمقصود بها في الزواج : أن يكون الزوج كفؤًا لزوجته ومساويًا لها في المنزلة ، ونظيرًا لها في المركز الاجتماعي والمستوى الخلقي والمالي .

وعليه؛ فالكفاءة ينظر إليها في جانب الرجل فقط دون المرأة.. 

   وأنواعها باختصار : الكفاءة في الدين ، وفي النسب ، وفي المال ، وفي الحرية ، وفي الصنعة ، وفي السلامة من العيوب .  والله أعلم . 


سؤال 64 : وضح المقصود بالكفاءة في الدين. وهل هي معتبرة ؟ 

   الجواب : الكفاءة في الدين : هي المماثلة في الدين ، فالمسلمة لا يكافئها إلا مسلم ، والكفاءة في الدين معتبرة بالإجماع ، قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : " واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه ، فلا تحل المسلمة لكافر أصلاً "     

     وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : والذي يقتضيه الحكم اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً وكمالاً ، فلا تزوج عفيفة لفاجر ، ولم يعتد القرآن والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك "      والله أعلم .


سؤال 65 : اذكر بعض الأدلة على اعتبار الكفاءة في الدين . 

    الجواب : هناك كثير من الأدلة من القرآن ومن السنة على ذلك منها : 

ـ قوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم * ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم.... " ( البقرة / 221 )

ـ قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن .... " ( الممتحنة / 10 ) 

قوله تعالى : " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ..." ( النور / 26 ) 

ـ قوله تعالى : " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " ( النور / 3 ) 

ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " تنكح المرأة لأربع : لمالها وجمالها وحسبها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك "  

ـ عن أبي حاتم المزني ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "  

والأدلة على ذلك كثيرة ويكفي ما ذكر .  والله أعلم . 


سؤال 66 : هل يجوز تزويج المبتدع أو الفاسق بامرأة سنية صالحة ؟ 

   الجواب : إذا كانت البدعة مكفرة ، كبدعة الروافض ، أو الجهمية فلا يجوز ذلك بحال من الأحوال . 

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن الرافضي ومن يقول : لا تلزمه الصلوات الخمس ، هل يصح  نكاحه من الرجال والنساء ؟ 

فأجاب : لا يجوز لأحد أن ينكح موليته رافضيًا ، ولا من يترك الصلاة "  

   وكذلك الفسق إذا كان فسقًا أكبر ، فلا يجوز . لقوله تعالى : " أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون " ( السجدة / 18 ) ، وكذلك ولد الزنا ، لأن المرأة تعير به هي وأولادها  وأسرتها ، وكذلك تارك الصلاة على قول من يرى أن كفره ـ بتركه للصلاة ـ مخرج من الملة . والله أعلم . 

سؤال 67 : وضح معنى الكفاءة في النسب وهل هي معتبرة أم لا ؟ 

   الجواب : الكفاءة في النسب هي : أن يماثل الزوج المرأة التي تقدم لها في نسبه ، فمثلاً قالوا : بنو هاشم لا يكافئهم إلا هاشمي ، وقريش لا يكافئهم إلا قرشي ، والعرب بعضهم أكفاء بعض ولا يكافئهم العجم . 

   وجمهور العلماء على أنها معتبرة ، ولم يخالف في ذلك إلا الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فذهب إلى أن الكفاءة مختصة بالدين فقط . والله أعلم .


سؤال 68 : اذكر أدلة القائلين بعدم اعتبار الكفاءة في النسب .

   الجواب : من هذه الأدلة ما يلي : 

ـ قوله تعالى : " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " ( النور / 32 ) 

ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو هاشمي زوج ابنته بعثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وهو قرشي 

ـ أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ زوج زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ وهي أسدية ـ بزيد بن حارثة وهو مولى 

ـ كذلك زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـوهو مولى ـ بفاطمة بنت قيس وهي قرشية .

ـ وكذلك زوج ـ صلى الله عليه وسلم ـ المقداد بن الأسود ـ وهو مولى ـ بضباعة بنت الزبير وهي هاشمية .

ـ وتزوج سالم ـ وهو مولى لامرأة من الأنصار ـ هندًا بنت الوليد بن عتبة وهي قرشية . 

ـ قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم والنياحة "              والله أعلم . 


سؤال 69 : وما أدلة القائلين باعتبار الكفاءة في النسب ؟ 

   الجواب : من الأدلة التي استدل بها الذين يرون اعتبار الكفاءة في النسب : 

ـ ما ورد عن واثلة بن الأسقع ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشًا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ... "  

ـ قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك "  

وهناك أدلة أخرى لكن فيها ضعف؛ كحديث : " العرب بعضهم أكفاء بعض ، والموالي بعضهم أكفاء بعض ". والله أعلم .  


سؤال 70 : اذكر أدلة القائلين بالكفاءة في المال . 

    الجواب : لقد استدل القائلون باعتبار الكفاءة في المال بما ورد عن فاطمة بنت قيس ـ رضي الله عنها ـ أن معاوية وأبا جهم خطباها ، فقال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " اما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له ، انكحي أسلمة بن زيد ، فكرهته ، ثم قال : انكحي أسامة فنكحته ، فجعل الله فيه خيرًا ..."  .

   واستدلوا أيضًا بما ورد عن بريدة بن الحصيب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : " إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال "   . وعن سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " الحسب المال والكرم التقوى "  .

   ومر بنا حديث : " تنكح المرأة لأربع : لمالها وجمالها وحسبها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك "  . والله أعلم . 


سؤال 71: وما الأدلة التي استدل بها من أسقط اعتبار الكفاءة في المال ؟ 

   الجواب : استدلوا بالآتي : 

ـ قوله تعالى : " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " ( النور / 32 ) 

ـ  ما ورد عن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال : مر رجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لرجل جالس عنده : ما رأيك في هذا ؟ فقال : رجل من أشراف الناس ، هذا ـ والله ـ لحري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع ، قال : فسكت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم مر رجل فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ما رأيك في هذا ؟ فقال : يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح ، وإن شفع أن لا يشفع ، وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : 

" هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا "  .

ـ وفي الصحيح : أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ استأذنت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصدقة على زوجها "؛  فدل ذلك على أنها كانت أثرى منه بكثير . 

   وبذلك يتبين أن الكفاءة في المال ليست شرطًا في الكفاءة أو في صحة الزواج ، وإن كانت مطلوبة ، لما مر من الاحاديث ، ولأن الرجل له القوامة على المرأة بالإنفاق عليها قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " ( النساء / 34 )  

   والرجل يفقد قوامته على زوجته إذا كانت هي التي تنفق عليه ، كما هو الحال والواقع اليوم من النساء العاملات أي الموظفات وخصوصًا إذا كان زوجها لا يعمل وهذا من أسباب الفشل في استقرار الأسرة المسلمة.  والله أعلم . 

  

سؤال 72 : هل الكفاءة في الحرية معتبرة أم لا ؟ وماذا لو أعتقت زوجة العبد ؟ 

   الجواب : الكفاء في الحرية مطلوبة ، وهي من شروط الكفاءة عند أكثر العلماء ، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ : " فأما الحرية فالصحيح أنها من شروط الكفاءة فلا يكون العبد كفؤًا للحرة ... "   

ويدل على ذلك حديث بريرة وفيه : " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خيرها بين أن تبقى على نكاح زوجها وبين أن تفسخه ، فاختارت نفسها ، فقال لها : إنه زوجك وأبو ولدك . فقالت : يا رسول الله أتأمرني بذلك ؟ قال : لا إنما أنا شافع ، قالت : فلا حاجة لي فيه ... "    

   وإذا اعتقت الزوجة وهي تحت العبد تخير في البقاء معه أو مفارقته ، ففي حديث بريرة السابق ، قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : اشتريت بريرة فاشترط أهلها ولاءها ، فذكرت ذلك للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق " فأعتقتها فدعاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فخيرها فقالت : لو أعطاني كذا وكذا ما ثبتُّ عنده " 

    إذن لا بد من مراعاة الحرية في الكفاءة ، لأن نقص الرق كبير وضرره واضح ، فإنه مشغول عن امرأته بحقوق سيده ، ولا ينفق نفقة الموسرين ، ولا يمنع صحة النكاح ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لبريرة : لو راجعتيه قالت : يا رسول الله أتأمرني ؟ قال : لا إنما أنا شافع ، قالت : فلا حاجة لي فيه . فلو كان نكاح العبد من الحرة لا يصح لما قال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك. والله أعلم .   


سؤال 73 : هل الكفاءة في الصناعة والمهنة معتبرة في النكاح أم لا ؟ 

   الجواب : ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الكفاءة في الصناعة شرط ، فمن كان من أهل الصناعات الدنيئة كالحائك والحجام والكناس والدباغ والزبال فليس بكفء لبنات ذوي المروءات أو أصحاب المكانة الرفيعة العالية من الجاه والرئاسة ، لأن ذلك نقص في عرف الناس ، فأشبه النقص في النسب.

 جاء في حديث ولكنه ضعيف " العرب بعضهم أكفاء لبعض إلا حائكًا أو حجامًا " 

قيل للإمام أحمد رحمه الله : كيف تأخذ به وأنت تضعفه ؟ 

قال : العمل عليه. يعني: أنه ورد موافقًا لأهل العرف "   . 

وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك ليس نقصًا ، ويؤيد ذلك ما ورد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن أبا هند حجم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  في اليافوخ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه "  

   فأبو هند كان حجامًا ومع ذلك أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبيلة بني بياضة أن يزوجوه. والله أعلم .  


سؤال 74 : هل السلامة من العيوب والأمراض معتبرة في النكاح ؟ 

   الجواب : ذهب أكثر العلماء إلى أن السلامة من العيوب معتبرة في الكفاءة واستدلوا على ذلك بما ورد في الحديث : " فر من المجزوم فرارك من الأسد "  

وبما ورد في الحديث الآخر : " لا يورد ممرض على مصح "   فمن كان به مرض أو عيب مثبت للفسخ ليس كفؤًا للسليمة . والله أعلم .  


سؤال 75 : هل الكفاءة معتبرة في المرأة أم خاصة بالرجل ؟ 

    الجواب : الكفاءة ـ عند من اعتبرها ـ تكون في الرجل دون المرأة ، أي أن الرجل هو الذي يكون كفؤًا للمرأة ومماثلاً لها ، ولا يشترط أن تكون المرأة كفؤًا للرجل، فالرجل لا يلحقه نقص أو عيب إذا تزوج امرأة ليست كفؤًا له.

 وقد سبقت الإشارة لذلك.

   ويرى البعض أن الكفاءة في المرأة معتبرة في حالتين : 

الأولى : فيما إذا وكل الرجل عنه من يزوجه امرأة غير معينة ، فإنه يشترط لنفاذ تزويج الوكيل على الموكل أن يزوجه ممن تكافئه .

الثانية : إذا كان الولي الذي زوج الصغير غير الأب ، فإنه يشترط لصحة التزويج أن تكون الزوجة كفؤًا للرجل احتياطًا لمصلحته . والله أعلم.

سؤال 76 : ما وقت اعتبار الكفاءة ؟ 

    الجواب : اعتبار الكفاءة إنما يكون عند بداية العقد ، فإذا تخلف وصف من أوصافها بعد تمام العقد ، فإن ذلك لا يضر ، ولا يغير من الواقع شيئًا ، ولا يؤثر في صحة عقد النكاح ؛ لأن شروط الزواج إنما تعتبر عند العقد ، فإذا كان الزوج عند عقد الزواج صاحب حرفة شريفة ، أو كان قادرًا على الإنفاق ، أو كان صالحًا ثم تغير الحال ، فاحترف مهنة دنيئة ، أو عجز عن الإنفاق ، أو حدث منه نوع فسق ومعاصٍ ، فإن الزواج باق على ما هو عليه ، وعلى المرأة أن تصبر إذا حدث شيء من ذلك لزوجها . والله أعلم . 


سؤال 77 : هل الزواج بغير الكفء مُحرَّم ؟ 

   الجواب : زواج غير الكفء ليس محرمًا ، لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ بعد أن ذكر المحرمات من النساء قال : " وأحل لكم ما وراء ذلكم " ( النساء / 24 )  فغاية ما في نكاح غير الكفء أنه نقص على الزوجة وعلى أوليائها ، فإذا رضيت الزوجة ، ومن له الأمر معها بهذا النقص فلا يرد النكاح ، وهذا ـ بالطبع ـ عند كثير ممن اعتبر الكفاءة في الأمور السابقة .   والله أعلم . 


البـاب الخامــس /الصــداق ( المــهر )


سؤال 78 : عرِّف الصداق . وما حكمه ؟ 

    الجواب : الصداق مأخوذ من الصدق ؛ لأن بذله للمرأة يدل على صدق إرادة الزوج لها . ومعناه : المال المبذول أو المنفعة المبذولة لعقد النكاح . وله أسماء كثيرة منها : المهر ، النحلة ، الأجر ، الفريضة . 

حكمه : هو واجب في كل عقد نكاح .

 والدليل على وجوبه قوله تعالى : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " ( النساء / 4 ) نحلة أي فريضة .

 وقوله تعالى : " فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف " ( النساء / 25 ) 

وقوله تعالى : " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة " ( النساء / 24 ) ، وقد نقل القرطبي ـ رحمه الله ـ الإجماع على وجوب الصداق في النكاح "           والله أعلم . 


سؤال 79 : هل الصداق من حق الزوجة أم من حق وليها ؟ 

   الجواب : إذا نظرنا في الآيات التي ورد ذكرها في السؤال السابق نجد أنها أمرت بإيتاء الصداق للنساء ، أي للمرأة التي يراد الزواج بها ، وعلى هذا فالصداق حق خالص للمرأة وليس لوليها ، ويؤكد ذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قصة الملاعنة : " .... فلها الصداق يما استحللت من فرجها "   

   وإذا احتج محتج بقوله سبحانه وتعالى عن الرجل الصالح : 

" إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيَّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج " ( القصص / 27 ) على أن الصداق يكون للولي ، فهذا قد أجيب عنه بعدة أجوبة : 

أولها : أن هذا شرع من قبلنا وقد جاء شرعنا بأن الصداق للمرأة .

ثانيها : أن هذا القول لا يمنع من أن يكون هناك عائد على زوجة موسى ـ عليه السلام ـ من جراء خدمته لأبيها فقد كانت تسقي الأنعام . يعني سيخدمه مكانها، فتستريح هي.

ثالثها : لا يمنع أن يكون الشيخ الصالح تراضى مع ابنته على هذا الأمر . ومع التراضي يجوز الأخذ من مهر المرأة لقوله تعالى : " فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا ) ( النساء / 4 ).  والله أعلم .


سؤال 80 : هل للولي أن يشترط لنفسه شيئًا من الصداق ؟ 

   الجواب : لا يجوز أن يشترط الولي لنفسه شيئًا من المهر ، لأنه أكل للمال بالباطل . لكن بعض العلماء يقول : إنه يجوز للأب خاصة أن يشترط لنفسه شيئًا ؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " أنت ومالك لأبيك "    فإذا كان الأب يتملك من مال ولده ما شاء فله أن يشترط من مهر ابنته ما شاء . 

 ولكن الراجح خلاف ذلك . 

فإن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " أنت ومالك لأبيك " والمرأة لا تملك الصداق إلا بالعقد ، وفي هذه الحالة يجوز أن يأخذ منه ، أما أن يشترطه من الزوج فلا يجوز ، لأنه يصله من الزوج قبل أن يدخل في ملكها ، ثم من الناحية الاجتماعية إذا قلنا بجواز اشتراط الأب لنفسه يؤدي إلى أن يجعل الأب ابنته سلعة إن أعطى ما يريد زوّجها وإن لم يعط ما يريد لم يزوجها كما هو واقع الأن "  .  والله أعلم . 


سؤال 81 : هل يجوز للزوج أن يشترط عدم المهر ؟ 

   الجواب : عرفنا أن الصداق ( المهر ) واجب في النكاح وهو من حق المرأة ، وإذا اشترط الزوج ألا مهر لها:

- فقد ذهب بعض العلماء إلى أن النكاح صحيح والشرط فاسد ولها المهر.

- وذهب بعضهم إلى أن النكاح يكون في هذه الحالة باطلاً لا يصح ؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما أباح ما سوى المحرمات بشرط فقال : " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم " ( النساء / 24 ) ولو جاز النكاح مع اشتراط عدم المهر لم يكن هناك فرق بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين غيره في جواز النكاح بالهبة إلا في اللفظ ، والألفاظ لا عبرة بها ، بل العبرة بالمعاني ، فهذا في الحقيقة هبة ، وهذا بخلاف ما لو عقد عليها وسكت عن المهر ولم يسمه ، ثم دخل بها ، فالنكاح صحيح ويجب لها مهر المثل "                                      والله أعلم . 

-

سؤال 82 : هل تسمية المهر في العقد شرط في صحة النكاح ؟ 

   الجواب : ذكر المهر وتسميته ليس ركنًا في العقد ، ولا شرطًا فيه ، بل هو أثر من آثاره ، فإذا تم العقد دون أن يسمي لها مهرًا فالعقد صحيح ووجب لها مهر المثل ، قال تعالى : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة " ( النساء / 236 ) والمعنى : لا إثم على من طلق زوجته قبل المس وقبل أن يفرض لها مهرًا . والطلاق لا يكون إلا بعد عقد صحيح ، فدلت الآية على صحة العقد دون تسمية المهر . 

 لكن الأفضل أن يسمي لها المهر في العقد ودليل ذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للرجل الذي طلب أن يزوجه المرأة : " زوجتكها بما معك من القرآن "   ولأن ذكر المهر في العقد يمنع النزاع بين الطرفين فيما بعد .  والله أعلم . 


سؤال 83 : هل هناك حد لأقل المهر أو لأكثره ؟ 

   الجواب : ليس هناك حد لأقل المهر ، بل إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " التمس ولو خاتمًا من حديد "   وكذلك لا حد لأكثره قال تعالى : " وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا " ( النساء 20 )

  قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " ومن كلن له يسار ( أي غنى ) ووجد فأحب أن يعطي امراته صداقًا كثيرًا فلا بأس بذلك كما قال تعالى : " وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا " أما من يشغل ذمته بصداق لا يريد أن يؤديه أو يعجز عن وفائه فهذا مكروه ... " اهـ 

ولكن عند التنازع في صداق لم يكن قد سمي ، فهذا يصار فيه إلى مهر المثل .."  

                                                                                     والله أعلم .


سؤال 84 : ما الذي يستحب في المهر ؟ 

   الجواب : يستحب تعجيل المهر ، حتى لا يشغل ذمته بهذا الدين . قال شيخ الإسلام : " والأولى تعجيل الصداق للمرأة قبل الدخول إذا أمكن فإن قدم البعض وأخر البعض فهو جائز " اهـ  

   ودليل ذلك قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله " ( النور 33 ) فأرشدهم إلى الاستعفاف وكان من الممكن الزواج مع تأجيل الصداق ، وكذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " زوجتكها بما معك من القرآن " ولم يكلفه تحمل دين الصداق إلى حين سعة "  

ويستحب كذلك التخفيف والتيسير في المهر ، فعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال : " خير النكاح أيسره " وفي رواية " خير الصداق أيسره "  

  وقد أنكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على بعض من غالى في المهر . فعن أبي حدرد الأسلمي أنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستفتيه في مهر امرأة فقال : " كم أمهرتها ؟ قال : مائتي درهم . فقال لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم "  

   وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للرجل الذي تزوج امرأة من الأنصار : " على كم تزوجتها ؟ قال : على أربع أواق . فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " على أربع أواق ؟!! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ، ما عندنا ما نعطيك ، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه ، قال : فبعث بعثًا إلى بني عبس ، بعث ذلك الرجل فيهم "  

   فهذه الأحاديث وغيرها تدل على استحباب التيسير في المهر ، لكن إن كان الزوج ميسورًا وأراد أن يدفع مهرًا كبيرًا فلا بأس يذلك ، لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول : " وآتيتم إحداهن قنطارًا " ( النساء 20 ) ومع ذلك فالتيسير أفضل. والله أعلم . 


سؤال 85 : ما حكم تأجيل الصداق ؟ 

   الجواب : تأخير الصداق أو تأجيله هو ما يسمى بالمؤخر ، وهو جائز لأن المهر يجوز تعجيله كله ، ويجوز تأجيله كله ويجوز تعجيل بعضه وتأخير بعضه ، على حسب ما يتفق عليه الطرفان . إلا أنه يستحب أن يعطيها شيئا قبل الدخول ، لما ورد عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال : " تزوجت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فلما أراد أن يدخل بها قال : أعطها شيئًا ، قلت : ما عندي من شيء ، قال : فأين درعك الحطمية ؟ قلت : هي عندي ، قال : فأعطها إياه "   لكنه حديث في إسناده مقال . 

    قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " الصداق المؤجل جائز ، ولا بأس به لقول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ( المائدة 1 ) والوفاء بالعقد يشمل الوفاء به وبما شرط فيه ... فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس ، ولكن  يحل إن كان قد عين له أجلاً معلومًا فيحل بهذا الأجل ... "  . والله أعلم .


سؤال 86 : متى يجب الصداق للمرأة ؟ 

   الجواب : يجب الصداق للمرأة بعقد الزواج ، فإذا عقد الرجل على امرأة وخلا بها عن الناس ثبت المهر . والمرأة لها حالات مع المهر : 

الحالة الأولى : أن لها المهر كاملا .

 وذلك إذا مات أحدهما ولو لم يدخل بها-إذا كان قد سمى لها المهر-  وأيضًا بعد الدخول بها حتى ولو طلقها. 

الحالة الثانية : أن لها مهر مثلها .

 وذلك إذا لم يكن سمى لها مهرًا ، وذلك في حالة موت أحدهما قبل الآخر أو الدخول بها .

الحالة الثالثة : لها نصف المهر.

 وذلك إذا طلقها قبل الدخول بها . لقوله تعالى : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " ( البقرة / 237 ) 

الحالة الرابعة : قيل لها نصف مهر المثل . 

وذلك إذا طلقها قبل الدخول ولم يكن سمى لها مهرًا .

 والصحيح أنها في هذه الحالة ليس لها إلا المتعة لقوله تعالى : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين " ( البقرة / 236 ) 

الحالة الخامسة : سقوط المهر .

يسقط المهر كله عن الزوج وذلك في كل فرقة كانت قبل الدخول من قبل المرأة ، كأن ارتدت عن الإسلام ، أو فسخت العقد لإعساره أو عيبه ، أو فسخه هو بسبب عيبها ، ويسقط كذلك إذا أبرأته قبل الدخول بها أو وهبته له .                                                                   والله أعلم . 


سؤال 87 : ما الأشياء التي تصلح أن تكون مهرًا ؟ 

  الجواب :

 - يجوز أن يكون المهر نقدًا أي مالاً ، 

 - ويجوز أن يكون عينًا كأثاث أو شيء تملكه المرأة ، فإن ثابت بن قيس أعطى حديقته مهرًا لزوجته ،

 - وكذلك يجوز أن يكون المهر على منفعة كما قال تعالى عن الرجل الصالح في قصة موسى عليه السلام : " إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج " ( القصص / 27 ) 

  - ويجوز أن يكون المهر تعليمها شيئًا من القرآن . 

ففي حديث الرجل الذي لم يجد خاتمًا من حديد قال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " زوجتكها بما معك من القرآن " وفي رواية : " انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن "  

-ويجوز كذلك أن يكون إسلام الرجل مهرًا لزوجته . 

لما ورد أن أبا طلحة خطب أم سليم فقالت : والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد ، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة ، ولا يحل لي أن أتزوجك ، فإن تسلم فذاك مهري ، وما أسألك غيره ، فأسلم فكان ذاك مهرها "  . والله أعلم.


سؤال 88 : ما الحكم لو اتفقا في السر على مهر، وفي العلانية على مهر أكثر منه ؟ 

   الجواب : ذهب بعض العلماء إلى أن الطرفين إذا اتفقا في السر على مهر وفي العلانية على مهر أكثر منه أنه ليس لها إلا ما اتفقا عليه سرًا ، لأنه يمثل الإرادة الحقيقية وهو مقصد العاقدين .

   وذهب بعض العلماء إلى أن لها مهر العلانية ، لأنه هو المذكور في العقد ، وما كان سرًا فعلمه إلى الله تعالى ، والحكم يتبع الظاهر .

 سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :

عن رجل تزوج امرأة وأعطاها المهر ، وكتب عليه صداقًا ألف دينار وشرطوا عليه أننا ما نأخذ منك شيئًا إلا أننا عندنا هذه عادة وسمعة ، والآن توفي الزوج ، وطلبت المرأة كتابها من الورثة على التمام والكمال ؟ 

 فأجاب : إذا كانت الصورة على ما ذكر لم يجز لها أن تطالب إلا ما اتفقا عليه ، وأما ما ذكر على الوجه المذكور فلا يحل لها المطالبة به ، بل يجب لها ما اتفقا عليه"  

  والله أعلم .



سؤال 89 : هل تجب الزكاة على المرأة في الصداق ؟ 

   الجواب : إذا قبضت المرأة الصداق وكان مالاً زكويًا كأن يكون ذهبًا أو فضة أو نقودًا ، وكان قد بلغ النصاب وحال عليه الحول ، أخرجت الزكاة إذا كان دخل بها . 

وأما إذا لم يدخل بها فاختلفوا:

- فقال بعض العلماء : عليها زكاة نصفه فقط لأن من الممكن أن تطلق فترد نصف الصداق لزوجها .

- ويرى البعض أن عليها الزكاة على المهر كله ؛ لأن العقد قد استقر ، وهذا الأقرب إلى الصواب .  والله أعلم . 


سؤال 90 : هل يجوز لرجل أن يزوج بناته بغير صداق ؟ 

   الجواب : إذا زوج رجلٌ بناته بغير تسمية المهر في العقد جاز ذلك والنكاح صحيح؛ كما دلت السنة على ذلك:

 ومنها الحديث الذي رواه عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لرجل : " أترضى أن أزوجك من فلانة ؟ قال نعم . وقال للمرأة : أترضين أن أزوجك فلانًا ؟ قالت : نعم . فزوج أحدهما صاحبه ، ولم يفرض لها صداقًا ، ولم يعطها شيئًا . وكان شهد الحديبية ، وكان من شهد الحديبية له سهم في خيبر ، فلما حضرته الوفاة قال : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زوجني فلانة ، ولم أفرض لها صداقًا ، ولم أعطها شيئًا ، وإني أشهدكم أني قد أعطيتها صداقًا سهمي بخيبر ، فأخذته فباعته بعد موته بمائة ألف "   .

هذا إذا كان في النية النكاح على مهر لكنه لم يسم َّ أثناء العقد ، وسيؤديه الزوج فيما بعد .

   أما إذا كان الزواج قد تم على ألا مهر لها؟

 فقيل : نكاحها باطل.

 وقيل النكاح صحيح والشرط باطل.

 ويجب في هذه الحالة مهر المثل بالدخول بها أو الوفاة عنها . وهذا ما ارتضته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء "  . والله أعلم .


سؤال 91 : ما الحكم لو تغيرت قيمة الصداق المؤجل ؟ 

   الجواب : إذا تزوج رجل امرأة على صداق عيني ـ أي شيء له قيمة ـ وكان مؤجلاً ، ثم تغيرت قيمته فيما بعد فيجب عليه الوفاء بغض النظر عن قيمته أثناء العقد أو بعده .

 وسئلت اللجنة الدائمة عن ذلك ؟

 فأجابت : مادام الأمر كما ذكره السائل من التزامه لزوجته بالحجول والجملين والخاتمين ؛ فإنها لازمة في ذمته ، ولا عبرة بقيمتها وقت الالتزام أو بعده ، وأن عليه أداءها..... وإن اتفق معهم في تقويمها تقويمًا عادلاً بسعر اليوم وإخراج قيمتها ، فلا بأس بذلك "   اهـ .   والله أعلم .


سؤال 92 : ما حكم ما يسمى بالقائمة في الزواج ؟

   الجواب : اعتاد الناس في الأزمان المتأخرة أن يكتبوا عند عقد الزواج ما يسمى بالقائمة ، وأكثرهم يكتبونها وليس في نيتهم أنها من المهر ، لأن المهر مقدمه ومؤجله يكتب في وثيقة الزواج بخلاف هذه القائمة ، والغرض من كتابة هذه القائمة هو تكتيف الزوج أو إلزامه بعدم تطليق الزوجة؛ لأنهم يكتبون فيها مبالغ كبيرة !

  وهذه القائمة أجازها العلماء في عصرنا ، واعتبروا ما يكتب فيها ملكًا للزوجة يطالب به الزوج إذا طلق زوجته .

   سئلت اللجنة الدائمة : ما حكم الإسلام في ما يسمى بالقائمة؟

  فأجابت : إذا كان الأمر كما ذكر، فلا مانع من ذكرها في وثيقة الزواج ، والتوقيع من كل من الزوجين عليها حتى إذا حدث خلاف يوجب الخلع يكون ما دفعه الزوج واضحًا لا لبس فيه "   اهـ 

هذا وقد ترتب على المغالاة في المبالغ المكتوبة في القائمة مفاسد كثيرة، وتعقدت أمور الزواج على كثير من الشباب بسبب هذه القائمة ، وفشلت كثير من الزيجات بسبب الخلاف على القائمة ، ناهيك عما يترتب على ذلك من المعيشة بين الزوجين في المشاكل التي لا حل لها والرضا بهذا الواقع الأليم لعدم مقدرة الزوج على الطلاق بسبب هذه القائمة.

 فعلى أولياء الأمور العودة إلى خير الهدي في تيسير نفقات وتكاليف الزواج وعدم المغالاة في المهور، والله المستعان.  والله أعلم .

 

سؤال 93 : هل تجب المساواة بين الزوجات في المهر ؟ 

   الجواب: إذا تزوج رجل من أكثر من زوجة ، فلا يلزمه أن يسوي بينهن في المهر ، لأن المهر حق للمرأة نظير أن يتزوج بها ، وهذا يختلف عما يجب فيه العدل بين الزوجات بعد قيام الزوجية.

  وسئلت اللجنة الدائمة سؤالاً مضمونه : 

رجل لديه زوجة وتزوج بأخرى ، وطلبت الأولى أن يعطيها من الحلي مثلما يعطي الثانية ، فهل يلزمه أن يعطيها أم لا ؟ 

    فأجابت : لا يلزم من تزوج بامرأة أن يعطي زوجته الأولى مثلما يعطي الثانية من مهر أو حلي تابع للمهر عرفًا ، وإن أعطاها ذلك تطييبًا لخاطرها فحسن ولا سيما إذا كانت مصلحته في إرضائها ومعاشرتها له مستقبلاً بالحسنى "   اهـ .   والله أعلم . 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.

البـاب السادس/باب ( المحرمات في النكاح )  

سؤال 94 : ما المقصود بالمحرمات في النكاح ؟ وما أقسامهن ؟ 

   الجواب : المحرمات في النكاح أي الممنوعات من النكاح ويحرم الزواج منهن . 

وهن قسمان : المحرمات إلى الأبد والمحرمات إلى أمد أي إلى وقت محدد . 

والمحرمات على التأبيد خمسة : بالنسب ، وبالرضاع ، وبالمصاهرة ، وباللعان ، وبالاحترام سيأتي الحديث عنها . 

     والمحرمات مؤقتا : أخت معتدته ، وأخت زوجته وبنتاهما وعمتاهما وخالتاهما ، والمعتدة ، والمطلقة ثلاثا حتى ينكحها زوج غيره ، والمُحرِمة حتى تحل ، والكافرة من غير أهل الكتاب ، ويأتي الحديث عنهن .                            والله أعلم . 

سؤال 95 : ما المحرمات من النسب ؟ وما المحرمات من الرضاع ؟ وما الدليل على ذلك ؟  

    الجواب : المحرمات من النسب هن : الأم والجدة وإن علت ، والبنت وبنت الابن وبنتاهما وإن سفلت ، والأخت وبنتها وبنت ابنتها ، وبنت الأخ وبنتها وبنت ابنه وبنتها وإن سفلت ، والعمة والخالة وإن علتا. ويحرم من الرضاع مثلهن .

قال تعالى : " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ...." ( النساء 23 )  

وقال صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "                                                     والله أعلم . 

سؤال 96 : ما شروط الرضاع المحرم ؟

     الجواب : ليس كل رضاع تترتب عليه حرمة الزواج وإنما لذلك شروط لا بد منها وهي : 

     أولا : أن يكون الرضاع خمس رضعات فأكثر ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات "   وأما حديث : " لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ولا المصة ولا المصتان "   فمقيد بالحديث السابق والمقصود منه لا يحرم الرضاع القليل الذي هو عبارة عن مصة أو مصتين وعليه فلا تحرم الثلاث رضعات ولا الأربع . وهذا هو الراجح من أقوال العلماء وإلا فالمسألة فيها خلاف 

ثانيا : أن يكون الرضاع في زمنه وهو العامان وقبل الفطام لقوله تعالى :" والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة "( البقرة 233 ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : " لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام "   وعلى هذا فرضاع الكبير لا يؤثر ، وأما قصة سالم مولى أبي حذيفة لأنه تربى في بيته وكان يكثر الدخول على زوجة أبي حذيفة فشكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أرضعيه تحرمي عليه " فهذه واقعة عين خاصة فلا تعمم ، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أن من كانت حاله مثل حال سالم وكان كبيرا فرضع فيؤثر رضاعه وتحرم عليه من أرضعته . والله أعلم .

سؤال 97: ما المحرمات بالمصاهرة ؟ وما الدليل على ذلك ؟ 

   الجواب : المحرمات بالمصاهرة أي بالزواج أو بعقد الزواج ، وهن : زوجة الأب وإن علا أي كل جد ، وزوجة الابن وإن نزل ، وأم الزوجة وجداتها ( بالعقد ) وبنت زوجته وبنات أولادها ( بالدخول لا بمجرد العقد ) وأخت معتدته ، وأخت زوجته وبنتاهما وعماتهما وخالاتهما ومطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره ، فيطلقها الثاني وتنتهي عدتها فإذا أرادها الأول تزوجها . 

والدليل : قال تعالى : " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " ( النساء 23 ) وقال تعالى عن المطلقة ثلاثا : " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله " ( البقرة 230 ) ولا بد أن يتزوجها الثاني زواج رغبة لنفسه لا أن يحللها لزوجها الأول لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له وأيضا لا بد أن يدخل بها لا كما يفعله الناس في زماننا من العقد والتطليق في نفس المجلس فهذا هو التحليل الذي لعن فاعله ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة القرظي لما أرادت أن ترجع إلى رفاعة وأن زوجها الثاني عبد الرحمن بن الزبير لا يستطيع جماعها : " أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك "  

    وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها "                        والله أعلم .

سؤال 98 : ما المحرمات بالاحترام ؟ وما الدليل ؟ 

    الجواب : المحرمات بالاحترام هن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم احتراما لجناب ومقام النبي صلى الله عليه وسلم . والدليل قوله تعالى : " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا " ( الأحزاب 53 )    والله أعلم

سؤال 99 : ما الدليل على أن المحرمة لا يحل نكاحها حتى تتحلل من إحرامها ؟ 

    الجواب : المسلمة التي أحرمت بحج أو بعمرة ، لا يحل لأحد أن يخطبها ولا أن يعقد عليها ما دامت محرمة ، والدليل حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب "                                                                                      والله أعلم .

سؤال 100 : ما الدليل على أن المسلم لا يحل له الزواج من كافرة ؟ 

     الجواب : لا يحل لمسلم أن يتزوج كافرة إلا الكتابية ( اليهودية والنصرانية ) والدليل قوله تعالى : " ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن " ( البقرة 221 ) أما الكتابية فجائزة لقوله تعالى : " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن " ( المائدة 5 )                     والله أعلم . 


  البـاب السادس /باب ( الشروط والعيوب في النكاح )


سؤال 101 : وضح الفرق بين شروط النكاح والشروط فيه . 

    الجواب : الفرق بينهما يكون من أربعة أوجه : 

أولا : أن شروط النكاح من وضع الشارع سبحانه وتعالى ، أما الشروط في النكاح فهي من وضع العاقد فهو الذي شرطها . 

ثانيًا : شروط النكاح يتوقف عليها صحة النكاح ، أما الشروط فيه فلا تتوقف عليها صحته ، إنما يتوقف عليها لزومه فلمن فات شرطه فسخ النكاح . 

ثالثا : أن شروط النكاح لا يمكن إسقاطها ، والشروط في النكاح يمكن إسقاطها ممن هي له . 

رابعاً : شروط النكاح لا تنقسم إلى صحيح وفاسد ، والشروط في النكاح تنقسم إلى صحيح وفاسد "                                والله أعلم .

سؤال 102 : ما حكم الشروط في النكاح ؟ ومتى تكون ؟ 

   الجواب : الأصل في جميع الشروط الصحة حتى يقوم دليل على المنع . قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ( المائدة 1 ) 

وقال صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حرامًا أو حرم حلالا "   

وقال صلى الله عليه وسلم : " إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج "  

والشروط في النكاح إما أن تكون مقارنة للعقد أو سابقة عليه ، لا لاحقة به ، ومثال السابقة على العقد أن يقول وليها لمن خطبها : بشرط ألا تتزوج عليها ، ومثال المقارنة للعقد : زوجتك ابنتي هذه بشرط ألا تتزوج عليها .      والله أعلم .

سؤال 103 : ما أقسام الشروط في النكاح ؟ 

   الجواب : تنقسم الشروط في النكاح إلى ثلاثة أقسام : صحيحة ، وفاسدة غير مفسدة للعقد ، وفاسدة مفسدة للعقد . 

فمثال الشرط الصحيح : أن تشترط عليه ألا يخرجها من بلدها ، أو شرطت زيادة في مهرها . 

ومثال الفاسد غير المفسد للعقد : أن يشترطوا عليه أن يطلق زوجته الأولى . فهذا شرط فاسد ـ على الصحيح ـ لأنه يصادم النص وهو ماسبق في الحديث : " إلا شرطًا أحل حرامل أو حرم حلالا " ولقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها "  لكن إذا وافق على هذا الشرط صح العقد وبطل الشرط . 

ومثال الفاسد المفسد للعقد : أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما وهذا يسمى بنكاح الشغار وقد ورد الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح الشغار "   فهذا الشرط يفسد العقد لأن هذا النكاح باطل . 

ومنه أن يحدد مدة النكاح فيشترط أن يتزوجها لمدة شهر أو أقل أو أكثر ، فهذا هو نكاح المتعة ، وقد كان مباحًا في أول الأمر ثم نسخ ونزل تحريمه إلى يوم القيامة كما ثبت بذلك الحديث الصحيح  

والروافض هم الذين يفعلون نكاح المتعة إلى الآن .  لكن اختلفوا إذا نوى المدة ولم يشترطها في العقد ، فالبعض ألحقه بنكاح المتعة وقال بتحريمه ، والبعض قال بجوازه وأنه ليس نكاح متعة وهو صحيح لكنه يأثم للخيانة وهذا أقرب للصواب "    .                                                                              والله أعلم . 

سؤال 104هل يجوز أن تشترط المرأة أن يكون الطلاق بيدها ؟ 

    الجواب : هذا الأمر انتشر في زماننا وكثير من الأزواج يوافقون على أن يكون الطلاق بيد المرأة ويسمى في زماننا العصمة للمرأة ، وهذا ـ على الصحيح ـ لا يجوز لأن النساء وصفهن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن "   فهل يمكن أن نجعل عقد النكاح الذي هو من أشرف العقود وأعظمها خطرًا بيد امرأة ناقصة ؟ فإذا خرجت إلى السوق ، ووجدت هذا الشاب الجميل المملوء شبابا ، قالت لزوجها أنت طالق بالثلاث !! فلا يجوز هذا  أبدًا "                      والله أعلم . 

سؤال 105 : هل يصح النكاح إذا اشترط الزوج ألا مهر لزوجته ؟ 

   الجواب : ذهب بعض العلماء إلى صحة النكاح إذا اشترط ألا مهر لها والشرط فاسد غير مفسد للعقد . والصحيح أن شرط عدم المهر فاسد مفسد للعقد فلا يصح النكاح مع هذا الشرط ، لأن هذا يجعلها كالواهبة نفسها ، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : " وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين " ( الأحزاب 50 )    والله أعلم . 

سؤال 106 : ما العيوب التي يفسخ بسببها النكاح ؟ وما أقسامها ؟ 

   الجواب : العيوب التي يجوز لأحد الزوجين فسخ النكاح بسببها كثيرة ، منها ما يختص بالرجل ، ومنها ما يختص بالمرأة ، ومنها ما هو مشترك بينهما . 

فمما يختص بالرجل : أن يكون مجبوبًا أي مقطوع الذكر ، أو عنينًا أي لا يستطيع الجماع . 

ومما يختص بالمرأة : الرتق أي انسداد الفرج ، والقرن أي لحم ينبت في الفرج فيسده من الداخل ، والعفل وهو ورم يكون بين القبل والدبر يضيق به الفرج ، والفتق وهو انخراق ما بين مخرج البول والمني وهو يمنع التلذذ وربما يؤدي إلى تسرب البول إلى مخرج المني ، وقد يمنع الحمل ، والإفرازات التي تخرج من فرج المرأة وتكون كريهة الرائحة .

ومما هو مشترك بينهما : استطلاق البول والغائط أي عدم التحكم فيهما ، والباسور والناصور والبرص والجنون والجذام ، وغير ذلك .

فكل هذه العيوب إذا اكتشفها أحدهما عند الآخر بعد الزواج فله الفسخ .   والله أعلم . 

سؤال 107 : ما الحكم لو حدثت هذه العيوب بعد الزواج ؟ 

    الجواب : قيل : لا خيار في ذلك ، ولا يفسخ العقد ، والصحيح أن العيب الذي يتعدى ضرره أو لا يتحمل الآخر وجوده فله أن يفسخ به العقد .  فإذا تم الفسخ قبل الدخول  ، فلا مهر لها إذا كان العيب فيها، ولها نصف المهر إذا كان العيب فيه ويرجع الزوج بالمهر على من غره وغشه إذا دخل بها  . والله أعلم . 

سؤال 108 : هل يجوز للعقيم أن يتزوج دون أن يخبر المرأة بهذا العيب ؟ 

   الجواب : للعقيم أن يتزوج طالما عنده القدرة على إعفاف زوجته ، ومع ذلك يتعاطى من أسباب العلاج ، لكن يجب عليه أن يخبر المرأة بهذا العيب وإلا يكون قد غشها وغش أهلها ، فإن تزوجها وكتم هذه العيب فليتب إلى الله ويستغفر من هذا الذنب ، وللزوجة أن تطلب فسخ النكاح بذلك إن لم ترغب في الحياة معه على هذه الحالة .                                والله أعلم . 


                            البـاب السابع /باب (وليمة العرس )


سؤال 109 ما وليمة العرس ؟ وما حكمها ؟ وما الحكمة منها ؟ 

   الجواب : وليمة العرس هي : الطعام الذي يصنعه المتزوج للحاضرين بسبب زواجه وهي في حق الرجل لا المرأة . واختلف العلماء في حكمها بين الوجوب والاستحباب ، فذهب بعضهم أنها مستحبة وليست واجبة لأنها طعام بمناسبة سرور حادث لا يقتضي الوجوب ، وذهب بعضهم إلى أنها واجبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف لما أراد الزواج : " أولم ولو بشاة "   والجمهور على أنها مستحبة . 

والحكمة منها إعلان النكاح وإظهاره ، وكذلك إطعام الناس شكرا لله على هذه النعمة .

                                                                        والله أعلم . 

سؤال 110 : ما حكم إجابة الدعوة للوليمة ؟ 

   الجواب : ذهب بعض العلماء إلى أن إجابة الدعوة واجبة واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : " وإذا دعاك فأجبه "  

وذهب بعضهم إلى أنها مستحبة ، وحملوا الأمر على الاستحباب ، وفصل آخرون فقالوا : إن عين الداعي المدعو فتجب ، وإن لم يعينه وكانت دعوة عامة فلا تجب ، وسواء كانت واجبة أو مستحبة ، فإجابتها متوقفة على عدة شروط : 

1 ـ أن تكون الدعوة أول مرة 

2 ـ أن يكون الداعي مسلمًا .

3 ـ أن يحرم هجره ، أما من يجب هجره فلا يجاب .

4 ـ أن يعين المدعو .

5 ـ أن لا يكون هناك منكر . 

6 ـ أن لا يكون عليه ضرر . 

7 ـ صدق الداعي في دعوته لا أن تكون الدعوة حياء وخجلا "  .    والله أعلم .


سؤال 111 : هل كروت الدعوة في زماننا تعد تعيينا للمدعو ؟ 

   الجواب : قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " إذا رأيت الاسم مطبوعا قلت : هذا تعيين ، وإذا رأيت أنهم لا يبالون ، وإنما ذلك عن مجاملة ، لأنك صاحب أو قريب ، بدليل أنهم لا يأتون ويقولون : هل ستأتي أو أنت مشغول ؟ فالظاهر لي أن البطاقة صارت مثل دعوة الجفلى ( أي الدعوة عامة )              والله أعلم . 

سؤال 112 : ماذا لو حضر الوليمة فوجد فيها منكرًا ؟ 

   الجواب : إذا كان يعلم بوجود منكر قبل أن يحضر الوليمة ، فلا يجوز له أن يشهدها ؛ إلا أن يعلم من نفسه أنه يستطيع تغيير هذا المنكر فيذهب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "  

فإذا لم يكن يعلم بوجود منكر ، أو تفاجأ بوجوده لما حضر الوليمة ، فإن استطاع تغيير المنكر جلس ، فإن لم يستطع فلينصرف ؛ لأن هذه أقل درجات إنكار المنكر وهي القلب ، لا أن يجلس في المنكر ويقول أنا أنكر بقلبي ، وقد قال تعالى : " فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم " ( النساء 140 ) . 

                                                                             والله أعلم 

سؤال 113 : هل تجوز إجابة دعوة الذمي في الوليمة ؟ 

   الجواب :  الذمي هو من يعيش في بلاد المسلمين من اليهود والنصارى ، ويدفع الجزية . وقد اختلف العلماء في ذلك فذهب بعضهم إلى كراهة إجابته ، وذهب البعض إلى جواز ذلك وهو الموافق للأدلة فقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوة يهودي "  

سئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن إجابة الذمي ، فقال : نعم . أ هـ 

فهي لا تجب ، ولكن تجوز ، لا سيما إذا كان في ذلك تأليف لهم ، وهذا يكون في الأمور العادية كالزواج والقدوم من سفر ، وما أشبه ذلك ، وأمل الإجابة إلى الشعائر الدينية فإنه لا يجوز "                                                  والله أعلم . 


سؤال 114 : ما هي منكرات الأفراح والولائم ؟ 

   الجواب : الزواج نعمة عظيمة من نعم الله علينا ، فينبغي أن تقابل بالشكر والإحسان ، لا بالجحود والعصيان ، لكن مما يؤسف له أنه في زماننا أصبح الفرح في الزواج عنوانا على التحلل والفساد والتبجح بالمنكرات وإظهارها دون خجل أو حياء من الخالق ولا المخلوق . 

ومن منكرات الأفراح : 

أولا : المغالاة في المهور لدرجة خيالية مما جعل الزواج صعب المنال ، وأصبح الحرام أسهل منالا من الحلال . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " أعظم النساء بركة ايسرهن مؤنة "   

ثانيًا : التكلف والمبالغة في تجهيزات الزواج سواء من قبل الزوج أو الزوجة .

ثالثًا : الإسراف والتبذير خصوصًا في العرس . 

رابعًا : منكرات الزفاف المحرمة ( فرقة موسيقية ـ راقصات ـ ديجيه ـ طبل ومزمار ـ قاعات تختلط فيها النساء بالرجال ـ الكوافير ـ تصوير الزوجين مع غيرهم مع التبرج والسفور ـ تناول المحرمات من خمر ومخدرات .....وغير ذلك ) 

خامسًا : ومن البدع : قراءة الفاتحة عند الخطبة أو العقد ـ لبس دبلة الخطوبة لاعتقاد الجمع بينهما وعدم التفريق ـ ربط تعويذة على يد العروس ـ الاحتفال عند فض البكارة وخروج دمها .                          والله أعلم . 

     البـاب الثامن/ باب (عشرة النساء)

سؤال 115 : ما المقصود بعشرة النساء ؟ وماذا يلزم الزوجين فيها ؟ 

   الجواب : العشرة في اللغة مأخوذة من المعشر والعشيرة وأصلها الاجتماع ، والمراد بها هنا : الالتئام والمودة بين الزوجين ، والمقصود بالنساء هنا الزوجات على وجه الخصوص 

ويلزم كلًا من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف . قال تعالى : " وعاشروهن بالمعروف " ( النساء 19 ) وقال تعالى : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة " ( البقرة 228 ) 

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر "   وقال : " لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها "       والله أعلم . 

سؤال 116 : ما هي حقوق الزوج على زوجته ؟ 

    الجواب : للزوج على زوجته حقوق كثيرة نجمل أهمها : 

أولا : أن ترعاه وأولاده وبيته . قال صلى الله عليه وسلم : " والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها "  

ثانيًا : إذا دعاها للفراش أي الجماع فلا تأبى عليه . قال صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور "   وقال : " إذا دعا الرجل زوجته فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح "  

ثالثًا : طاعته في غير معصية الله وتنفيذ أوامره حتى يرضى عنها . قال صلى الله عليه وسلم : " لو كنت آمرًا أحدًا أن بسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها "   

وقال : " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة "  

رابعًا : ألا تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه "  

خامسًا : ألا تأذن لأحد بدخول بيته إلا بإذنه للحديث السابق . 

سادسًا : ألا تخرج من بيته إلا بإذنه . 

سابعًا : أن يؤدبها إذا نشزت وعصته . قال تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " ( النساء 34 )  وغير ذلك من حقوقه عليها .             والله أعلم . 

سؤال 117 : وما حقوق الزوج على زوجها ؟ 

   الجواب : حقوقها كثيرة منها : 

أولا : أوصى الشرع بها . قال صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرًا "     

ثانيا : النفقة عليها بقدر وسعه . قال صلى الله عليه وسلم : " وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن "    وسئل صلى الله عليه وسلم ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ، لا تضرب الوجه ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت "   

ثالثا : إشباع رغبتها وحقها في الوطء أي الجماع .  

رابعًا :  العدل بين نسائه إذا كان متزوجًا من أكثر من واحدة فيما يستطاع . 

خامسًا : الإحسان إليها  بصفة عامة . قال صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي "       والله أعلم . 



سؤال 118 : هل يسقط حق الزوجة بتنازلها عنه ؟ 

   الجواب : إذا رغبت المرأة في التنازل عن حقها لوجود مصلحة ، سقط هذا الحق عن زوجها ولا يأثم بترك هذا الحق . ودليل ذلك ماورد في شأن سودة رضي عنها أنها رضيت أن تكون ليلتها لعائشة رضي الله عنها ولا يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكبرها ومرضها "  . لكن مع تنازل المرأة عن حقها لو أعطاها الزوج إياه لكن أولى لأن هذا من العشرة بالمعروف ، إلا إذا عجز عن ذلك .    والله أعلم . 

سؤال 119 : ماذا لو قصر أحد الزوجين في حق الآخر ؟ 

     الجواب : إذا كان ذلك عن عجر وعدم استطاعة فلا يأثم على ذلك فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ، أما إن كان عن تهاون ولا مبالاة فيحرم ذلك ويأثم على تضييع هذا الحق ، كما مر بنا في الحديث : " الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها "   وفي هذه الحالة إذا تمكن من أخذ حقه الذي قصر فيه الآخر أخذه كما جاءت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان رضي الله عنه وشكت للنبي صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي فقال : " خذي ما يكفيك وولدك من ماله بالمعروف "  

سؤال 120 :  ماذا يحل للزوج من زوجته في الاستمتاع بها ؟ وماذا يحرم عليه ؟ 

   الجواب : يحل للزوج أن يستمتع بزوجته في بدنها كله مالم يكن ممنوعا زمانا ومكانا ، فيمنع من إتيانها وهي حائض أو في الدبر . قال تعالى : " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ...." ( البقرة 222 ) وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن "   وكذلك يحرم عليه جماعها في نهار رمضان وهما صائمان ، وكذلك لا يباشرها وهو معتكف في المسجد ، ولا وهو أو هما محرمان بحج أو عمرة حتى يتحللا منهما .                 والله أعلم . 

سؤال 121 : ماهي آداب الجماع ؟ 

   الجواب : ينبغي عند الجماع أن تراعى مجموعة من الآداب منها : 

ـ التسمية والدعاء بما ورد فيه . عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : 

بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن قدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدًا "  

ـ ترك الكلام أثناءه أو عدم الإكثار منه . وقد ورد حديث أن ذلك يسبب الخرس ولكنه لا يصح . والكلام اليسير للمصلحة لا بأس به . 

ـ ألا ينزع قبل فراغها ؛ لأن ذلك لا يشبع رغبتها ويعجلها عن قضاء حاجتها . 

ـ ألا يكون بمرأى من أحد ولو من المحارم ، ويحرم ذلك . 

ـ عدم التحدث به وكشف أسراره . وفي الحديث : " إن من شر الناس منزلة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها "  

ـ الاستتار عند الجماع ، وهذا على وجه الاستحباب والأكمل ، وإلا فلو كشفا عن عوراتهما بينهما فلا حرج . 

ـ الوضوء عند إرادة معاودة الجماع . وقد دل الحديث أن ذلك أنشط للعود . 

ـ الوضوء إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب وهو جنب . وقد ورد في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب توضأ " وعنها : " كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ " 

ـ ألا يقذف خارج الفرج ، لأن ذلك قد يضر بهما ، وأيضًا يحرمها من إشباع شهوتها وغير ذلك .  

ـ تزين وتطيب كل منهما للآخر ، مع تعاهد خصال الفطرة من قص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة . وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله : " إني لأتجمل لزوجتي كما تتجمل لي .                                    والله أعلم . 

سؤال 122 : ما حكم تحديد النسل ؟ وهل هناك فرق بينه وبين تنظيم النسل ؟ 

   الجواب : سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء : ماحكم منع الحمل أو تحديد النسل ؟ فأجابت : يحرم منع الحمل ـ دون ضرورة تدعو إلى ذلك ـ وتحديد النسل مطلقًا ؛ لمنافاته مقصد الشرع وترغيبه في الزواج للعفة وكثرة النسل ، ولما فيه من سوء الظن بالله في سعة رزقه وكثرة عطائه لمن يفعله خشية العجز عن النفقة ، فإن كان هناك ضرورة كالخطر على صحة المرأة من الحمل أو من تتابعه جاز لها منعه أو منع تتابعه بما لا يضرها من عزل وتعاطي حبوب ونحو ذلك "  

والفرق بين تحديد النسل وتنظيمه : تحديد النسل هو القصد إلى الوقوف به عند عدد معين ، كاثنين أو ثلاثة من الأولاد .... أما تنظيم النسل فهو : العمل على تأخير الحمل مدة تستجم فيها المرأة وتسترد نشاطها ، ثم تترك موانع الحمل رغبة في النسل ولو كثر عدده ، والأول لا يجوز إلا لضرورة ـ كما سبق ، والثاني لا حرج فيه . 

                                                                        والله أعلم 

سؤال 123 : هل من حق الزوج على زوجته الإحسان لوالديه ؟ وما حكم خدمتها لهما ؟ 

   الجواب حسن المعاملة مطلوب من الزوجة مع والدي الزوج وهو من العشرة بالمعروف ، ولا يجب عليها خدمتهما ، وليس في الشرع دليل على إلزامها بخدمتهما ، لكن إذا فعلت ذلك فهو من حسن العشرة مع زوجها ، لأنه يحب من زوجته حسن معاملة والديه ، وفي حدود طاقتها ووسعها  

ولا يتعنت الزوج مع زوجته ويرغمها على ذلك وإن أدى إلى سوء العشرة بينهما بحجة بر الوالدين ، فبر والديه يلزمه هو ولا يلزمها هي ، لكن كما قلت إن أرادت دوام المودة بينها وبين زوجها فلتحسن عشرة والديه وخدمتهما بما تستطيع . والله أعلم 


البـاب التاسع /باب (الأحاديث الضعيفة والموضوعة)


[1]  " احملوا النساء على أهوائهن "

( موضوع ) فيه محمد بن الحارث . قال ابن عدي : " ومحمد بن الحارث عامة ما يرويه غير محفوظ ( الضعيفة والموضوعة ( 2068 ) 

[ 2] " إذا أتى أحدكم أهله ، فأراد أن يعود فليغسل فرجه " 

( ضعيف ) فيه ليث بن أبي سليم لا يحتج به . ( الضعيفة والموضوعة 2199 ) 

[3] " إذا ادعت المرأة طلاق زوجها ، فجاءت على ذلك  بشاهد عدل ، استحلف زوجها ، فإن حلف بطلت شهادة الشاهد ، وإن نكل فنكوله شاهد آخر، وجاز طلاقه "

( ضعيف ) قال ابن أبي حاتم : " سألت أبي عنه فقال : حديث منكر " فيه زهير بن محمد الخراساني ضعيف ( الضعيفة والموضوعة 2211 ) 

[4] " إذا تزوج أحدكم ، ودخل على أهله فليضع يده على رأسها وليقل : اللهم بارك لي في أهلي ، وبارك لأهلي في ، وارزقني منها ، وارزقها مني ، واجمع بيننا في خير ، فإذا فرقت بيننا ففرق على خير " 

( موضوع ) فيه مسلم بن عيسى متروك ( الضعيفة والموضوعة 2166 ) 

[5] " إذا تأهل أحدكم في بلد فليصل به صلاة المقيم " 

( ضعيف ) فيه عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب مجهول ( الضعيفة والموضوعة 2415 ) 

[6] " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز " 

( ضعيف ) فيه مجالد بن سعيد ليس بالقوي ، وهشيم بن بشير ضعيف وحكم ابن الجوزي بوضعه ( الضعيفة والموضوعة 2401 ) 

[7] " استعينوا على النساء بالعري " 

( ضعيف جدًا ) فيه ابن عباد المزني متروك ، ولا يحتج به ( الضعيفة والموضوعة 2022 ) 

[8 ] " أظهروا النكاح وأخفوا الخطبة " 

( ضعيف ) فيه أم علقمة بن أبي علقمة واسمها مرجانة مجهولة الحال ( الضعيفة والموضوعة 2494 ) وأوله صحيح بلفظ : " أعلنوا النكاح ... " 

[9] " التمسوا الرزق بالنكاح " 

( ضعيف ) فيه مسلم بن خالد الزنجي صدوق كثير الأوهام ( الضعيف والموضوعة 2487 ) 

[10] " أما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله عزو جل ؟ وإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء والأرض ما أخفي لها من قرة أعين ، فإذا وضعت لم يخرج من لبنها جرعة ، ولم يمص من ثديها مصة ؛ إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة ، فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهم في سبيل الله عزوجل " 

( موضوع ) فيه عمرو بن سعيد الخولاني قال عنه الذهبي : " حدث بموضوعات

( الضعيفة والموضوعة 2055 ) 

[11] " إن من النساء عِيَّا وعورة ، فكفوا عيهن بالسكوت ، وواروا عوراتهن بالبيوت " 

( ضعيف جدًا ) فيه إسماعيل بن عباد متروك ( الضعيفة والموضوعة 2389 ) 

[12] " إني لأبغض المرأة تخرج من بيتها تجر ذيلها تشكو زوجها " 

( ضعيف جدًا ) فيه يحيى بن يعلى الأسلمي ضعيف وسعد الإسكاف متروك ( الضعيفة والموضوعة 2063 ) 

[13] " أيما امرأة قعدت على بيت أولادها ، فهي معي في الجنة ، وأشار بأصبعه السبابة والوسطى " 

( ضعيف ) فيه مالك النهشلي قال عنه الذهبي : لا يعرف . ( الضعيفة والموضوعة 2472 ) 

[14] " خمس هن قواصم الظهر : عقوق الوالدين ، والمرأة يأتمنها زوجها تخونه ، والإمام يطيعه الناس ويعصي الله عز وجل ، ورجل وعد عن نفسه خيرًا فأخلف ، واعتراض المرء في أنساب الناس " 

( ضعيف ) فيه أبو زرعة الحجري واسمه وهب الله بن راشد المصري قال عنه الذهبي : " غمزه سعيد بن أبي مريم وغيره 

[15] " ما من صباح إلا وملكان يناديان : ويل للرجال من النساء ، وويل للنساء من الرجال " 

( ضعيف جدًا ) فيه خارجة بن مصعب متروك ( الضعيفة والموضوعة 2018 ) 

[16] " من زوج كريمته من فاسق ، فقد قطع رحمها "

( موضوع ) فيه الحسن بن محمد البلخي يروي الموضوعات ( الضعيفة والموضوعة 2062 ) 

[17] " الناس معادن والعرق دساس ، وأدب السوء كعرق السوء " 

( ضعيف ) فيه محمد بن سليمان بن مسمول قال عنه الذهبي : " ضعفه غير واحد " ( الضعيفة والموضوعة 2047 ) 

[18] " نعم العون على الدين المرأة الصالحة " 

( لا أصل له ) قال الحافظ العراقي : " لم أجد له إسنادًا ( الضعيفة والموضوعة 2041 )  

[19] " لا تسكنوهن الغرف ، ولا تعلموهن الكتابة ، وعلموهن المغزل ، وسورة النور " 

( موضوع ) فيه محمد بن إبراهيم أبي عبد الله الشامي كذاب ( الضعيفة والموضوعة 2017 ) 

[20] " اليمين الفاجرة تعقم ارحم " 

( ضعيف ) فيه محمد بن هارون بن منصور المنصوري يضع الأحاديث ( الضعيفة والموضوعة 2020 ) 

[21] " إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته ؛ فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى " 

( موضوع ) أورده ابن الجوزي في الموضوعات ، وفيه بقية بن الوليد مدلس ( الضعيفة والموضوعة 195 ) 

[22] " إذا جامع أحدكم ؛ فلا ينظر إلى الفرج ، فإنه يورث العمى ، ولا يكثر الكلام ؛ فإنه يورث الخرس " 

( موضوع ) فيه محمد بن عبد الرحمن القشيري قال عنه الذهبي : متهم ليس بثقة ، وقال عنه الدارقطني : متروك الحديث ( الضعيفة والموضوعة 196 ) 

[23] " الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة ، والتودد إلى الناس نصف العقل ، وحسن السؤال نصف العلم " 

( ضعيف ) فيه المخيس بن تميم ، وحفص بن عمر مجهولان ( الضعيفة والموضوعة 157 ) 

[24] " إنما النساء لعب ، فمن اتخذ لعبة ؛ فليحسنها ، أو فليستحسنها " 

( ضعيف ) فيه زهير بن محمد الخراساني ضعيف ( الضعيفة والموضوعة 462 ) 

[25] " إياكم وخضراء الدمن ، فقيل : وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت السوء " 

( ضعيف جدًا ) تفرد به الواقدي وهو متروك ( الضعيفة والموضوعة 14 ) 

[26] " تزوجوا ولا تطلقوا ؛ فإن الطلاق يهتز له العرش " 

( موضوع ) فيه عمرو بن جميع كذاب وجويبر ضعيف جدًا ( الضعيفة والموضوعة 147 ) 

[27] " زينوا مجالس نسائكم بالمغزل " 

( موضوع ) أورده ابن الجوزي في الموضوعات ( الضعيفة والموضوعة 19 ) 

[28] " شاوروهن ـ يعني : النساء ـ وخالفوهن " 

( لا اصل له مرفوعا ) وورد عن عمر قال : " خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة " وسنده ضعيف فيه حفص بن عثمان مجهول ( الضعيفة والموضوعة 430 ) 

[29] " نهى عن المواقعة قبل المداعبة " 

( موضوع ) فيع خلف بن محمد الخيام ضعيف جدًا ( الضعيفة والموضوعة 432 ) 

[30] " يدعى الناس ثوم القيامة بأمهاتهم سترًا من الله عز وجل عليهم " 

( موضوع ) فيه إسحق بن إبراهيم الطبري منكر الحديث ( الضعيفة والموضوعة 433 )

[31] " طاعة المرأة ندامة " 

( موضوع ) فيه عنبسة بن عبد الرحمن منكر الحديث وكان يضع الحديث ( الضعيفة والموضوعة 435 ) 

[32] " هلكت الرجال حين أطاعت النساء " 

( ضعيف ) فيه بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ضعيف ، وقال عنه ابن معين : ليس بشيء ( الضعيفة والموضوعة 436 ) 

[33] " لولا النساء لعبد الله حقًأ حقًا " 

( موضوع ) فيه عبد الرحيم بن زيد العمي قال عنه البخاري : تركوه ، وقال ابن معين : كذاب خبيث " ( الضعيفة والموضوعة 56 ) 

[34] " لا ينكح النساء إلا الأكفاء ، ولا يزوجهن إلا الأولياء "

( موضوع ) فيه مبشر بن عبيد قال عنه البخاري : منكر الحديث وقال أحمد : أحاديثه موضوعة كذب ( الإرواء 1866 ) 

[35] " قال عمر رضي الله عنه : لأمنعن تزوج ذوات الاحساب إلا من الأكفاء " 

( ضعيف ) فيه انقطاع ، فإن محمد بن إبراهيم بن طلحة لم يدرك عمر رضي الله عنه ( الإرواء 1867 ) 

[36] " العرب بعضهم لبعض أكفاء إلا حائكا أو حجامًا " 

( موضوع ) قال ابن أبي حاتم : هذا كذب لا أصل له ( الإرواء 1869 ) 


      هذا آخر كتاب النكاح ، فما كان فيه من صواب وحق ، فمن الله الحق وحده فهو الموفق لكل خير ، وإن كان من خطأ أو زلل فمني ومن الشيطان والله ورسوله ودينه منه براء وأنا راجع عنه وبريء منه . وأسأل الحق ـ جل في علاه ـ أن ينفعني والمسلمين به ، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين 

 كتبه / حازم خطاب 

سوهاج ـ مصر 

تم الانتهاء منه في 

26من المحرم 1442 من الهجرة 

14 من سبتمبر 2020 من الميلاد 

                          

شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق