غضب الجبار على المحتكرين والمتسترين على التجار

 




|| غضب الجبار على المحتكرين والمتسترين على التجار ||
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد
نمر في هذه الأيام بأزمة حقيقية صارخة مدوية بغلاء فاحش في الأسعار، وإذا كان الناس _ واكثرهم من الطبقة الكادحة الفقيرة من الشعب _ في الفترة الماضية قد تضرروا من زيادة طفيفة في الأسعار، فكيف بهذه الزيادة المجحفة؟!!
وكيف بعد هذه الحروب المدمرة، وكيف لواستمرت واتسعت؟! فإلى الله المشتكى.
** فأقول : أولا : الغلاء سنة ربانية لها أسبابها التي منها :
(١) الذنوب والمعاصي خصوصا ما يتعلق بالغلاء. قال تعالى : " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون "
وقال تعالى : " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير"
وقال صلى الله عليه وسلم : ".....ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان"
( ٢) حب المال والإكثار منه ولو على حساب الفقراء والمحتاجين.
( ٣) تلاعب التجار والمحتكرين.
( ٤) الطمع والجشع عند أكثر التجار.
( ٥) الترف عند أكثر الأثرياءوما يترتب عليه من استهلاك للسلع التي لا غنى عنها.
( ٦) تحكم الدول المصدرة في السلع وتقليل الكميات التي تحتاجها الدول المستوردة لهذه السلع، وقد تمنعها نهائيا إذا حدثت خلافات بينهما.
** ثانيا : النهي عن الاحتكار، وضرره.
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار، فثبت في صحيح مسلم : " من احتكر فهو خاطئ" وفي لفظ : " لا يحتكر إلا خاطئ "
_ وفي سنن ابن ماجه وصححه الألباني عن رفاعة بن رافع قال : " إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق" وهؤلاء المحتكرون لم يتقوا الله ولم يبروا ولم يصدقوا
والاحتكار خطره عظيم وضرره جسيم، حيث يخفي التجار السلع بعد جمعها من الأسواق وقت حاجة الناس إليها، ثم إخراجها بعد أن يتحكموا في الأسعار ويرفعوها كما شاءوا، ولا يتضرر حينئذ إلا الفقراء الذين لا يملكون ثمنها، أما الأغنياء فمهما غلت وارتفعت فيستطيعون شراءها، وهذا أعظم ضرر على أكبر فئة في المجتمع. ولذا ينبغي على الدولة أن تأخذ على أيديهم وتجبرهم على إخراج السلع وطرحها في الأسواق بأسعار مناسبة. وإذا تمردوا تبيع عليهم، بل لو وصل الأمر إلى هلاك الناس تصادر منهم ما يصلح العباد كعقوبة تعزيرية لهؤلاء المحتكرين.
** ثالثا : التستر على التجار أسبابه وآثاره ووسائل السلامة منه :
_ أما أسبابه فكثيرة منها :
١ _ ضعف اليقين بالله المتكفل بأرزاق جميع العبيد.
٢_ الطمع والجشع من المتستر والمتستر عليه.
٣ _ الأنانية وحب الذات لهؤلاء، فأين هم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
٤ _ إغفال وتجاهل حقوق الآخرين، خصوصا الفقراء والمساكين.
٥ _ المحاباة لهؤلاء التجار بسبب قرابة أو صداقة أو رشوة أو رد للجميل.
** أما آثاره فمن أهمها :
_ تحكم المتستر عليه برؤوس الأموال
_ انتشار الاحتكار من التجار المتستر عليهم.
_ زيادة الغش التجاري بكل صوره، لأنهم في مأمن من الإبلاغ عليهم.
_ المتاجرة في الممنوعات والمحرمات.
** أما وسائل السلامة منه فكثيرة منها :
١ _ الحرص على الكسب الحلال.
٢ _ العمل بالأنظمة واللوائح وطاعة ولاة الأمر في ذلك. قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "
٣ _ الإبلاغ عن التجار المحتكرين والغاشين لدى الجهات المعنية.
٤ _ العقوبات الرادعة لمن يثبت تورطهم في المخالفات.
** أقول : أخيرا : الويل لكم أيها المحتكرون من غضب الجبار، ألم تسمعوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه"
ألم تسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم : " من لا يرحم لا يرحم" وقوله : " إنما يرحم الله من عباده الرحماء" وقوله : " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"
وأنتم أيها المتسترون عليهم احذروا من كتمان الشهادة، وكتمان الحق، وترك النهي عن المنكر، فأنتم متعاونون معهم على الإثم والعدوان.
نسأل الله تعالى أن يرفع عنا الغلاء والبلاء والوباء، وأن يرقق قلوب التجار والأغنياء، على المساكين والفقراء.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
والحمد لله رب العالمين.
كتبه ✍️/ فضيلة الشيخ حازم خطاب
ليلة الجمعة ٨ من شعبان ١٤٤٣ من الهجرة
الموافق ١١ من مارس ٢٠٢٢ م .
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق