من دعا غير الله فقد أشرك ــ مكتوب .




( من دعا غير الله فقد أشرك )
الحمد لله رب العالمين وكفى، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى ورسولنا المجتبى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد.
الدعاء عبادة عظيمة من أجل العبادات، ورغم ماورد فيه مئات الآيات والأحاديث مابين الأمر به وبيان ثوابه وآدابه ونماذج للدعاء. إلا أن أكثر المسلمين في غفلة عن هذه العبادة الجليلة، وليت الأمر ينتهي عند ذلك. بل الأدهى والأمر أن بعض من ينتسبون للإسلام صرفوا هذه العبادة لغير الله فدعوا البشر - من الموتى - فوقعوا في الشرك الأكبر المخرج من الملة.
فأحببت أن أذكر نفسي وإخواني بهذه العبادة وذلك من خلال عدة وقفات :
** الوقفة الأولى : آيات قرآنية تأمر به وتذكر نماذج له : 
- قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
[سورة غافر 60]
- قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
[سورة البقرة 186]
- قال تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [سورة اﻷعراف 55]
- قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة اﻷعراف 180]
- قال تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)
[سورة النمل 62]
- قال تعالى : (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [سورة آل عمران 8]
- قال تعالى : (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) [سورة آل عمران 193]
- قال تعالى : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) [سورة إبراهيم 40]
- قال تعالى : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة آل عمران 26]
- قال تعالى : (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
[سورة المائدة 114]
** الوقفة الثانية : أحاديث في ذلك
- روى الترمذي والحاكم وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه "
- روى مسلم في صحيحه عن أم الدرداء رضي الله عنها أنها قالت لصفوان بن عبدالله فادع لنا بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل "
- روى الطبراني وغيره بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام "
- روى الترمذي والبخاري في الأدب المفرد الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء " 
- روى أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لايرد القدر إلا الدعاء. ..."
** ومما يدل على أهمية الدعاء أنه ما من حركة ولاسكنة للإنسان إلا وفيها ذكر ودعاء. عند النوم والاستيقاظ منه عند الدخول والخروج (البيت - المسجد - الخلاء - المقابر - السوق)
الصباح والمساء - والسفر - وركوب الدابة - قيام الليل - الصعود والهبوط - الاستخارة ..........
** الوقفة الثالثة : آداب الدعاء :
[ ١ ] أن يتوخى الأوقات الشريفة. كيوم عرفة - العشر الأواخر من رمضان - الجمعة - السحر وآخر الليل - بين الأذان والإقامة - عند الفطر من الصيام - السجود - السفر 
[ ٢ ] أن يستقبل القبلة 
[ ٣ ] أن يخفض صوته بالدعاء. لأمر الله به. فالذين يصرخون بأعلى أصواتهم معتدون في الدعاء كما يفعله صلاح الجمل في دعاء القنوت في الوتر في التراويح. 
[ ٤ ] الإخلاص والتضرع في الدعاء. ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) 
[ ٥ ] أن يجزم الدعاء. صح بذلك الحديث( إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له ) 
[ ٦ ] أن يلح في الدعاء 
[ ٧ ] أن يكرر الدعاء ثلاثا. فهذا من سنته صلى الله عليه وسلم. 
[ ٨ ] أن يفتتح الدعاء ويختمه بالثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. 
[ ٩ ] رد المظالم وأكل الحلال ليستجاب الدعاء. 
[ ١٠ ] ألا يدعو بإثم أوقطيعة رحم. 
[ ١١ ] ألا يدعو على أولاده وماله وأهله. 
[ ١٢ ] ألا يستبطئ إجابة الدعاء. ففي الحديث الصحيح : " يستجاب لأحدكم مالم يعجل. قالوا : كيف يعجل يارسول الله؟ قال : يقول : دعوت فلم يستجب لي " 
[ ١٣ ] ألا يدعو بمحال. أو بما هو من خصائص الأنبياء. 
[ ١٤ ] ألا يصرف الدعاء لغير الله. فهذا شرك كما سيأتي.
** الوقفة الرابعة : ثواب الدعاء :
عرفنا أن الدعاء عبادة. وأي عبادة لها ثوابها عند الله. بل ما خلقنا الله إلا لعبادته. قال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " 
ومن ثواب الدعاء أيضا : ما ورد في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها "
ومن ثواب الدعاء أيضا دخول الجنة والنجاة من النار. قال تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [سورة البقرة 201 - 202]
روى الترمذي والنسائي والحاكم وصححه والألباني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار "
** الوقفة الخامسة : من صرف الدعاء لغير الله فقد أشرك. 
- قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
[سورة غافر 60] فقوله : إن الذين يستكبرون عن عبادتي أي عن دعائي. 
- قال تعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)
[سورة الجن 18]
- قال تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)
[سورة اﻷحقاف 5] 
- قال تعالى : (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ) [سورة يونس 106]
- روى أبو داود والترمذي وصححه الألباني عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء هو العبادة "
- روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار "
فإذا نظرنا إلى واقع الأمة الإسلامية اليوم لوجدنا أن قطاعا عريضا ممن ينتسبون للإسلام ويسمون بأسماء إسلامية قد صرفوا الدعاء لأصحاب الأضرحة والمشاهد ممن يسمونهم بالأولياء والسادة. كما عندنا في مصر ( أضرحة : الحسين - البدوي - أبو الحسن الشاذلي - عبد الرحيم القناوي - العارف. ....) فتجد مئات الآلاف من هؤلاء يقفون عند هذه الأضرحة يدعونها من دون الله، ويسألون المقبورين مالا يقدر عليه إلا الله.
وهاهم الصوفية قد استعدوا ليقيموا احتفالهم البدعي بمولد النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يفعلونه كمراسم لهذا الاحتفال إنشاد قصائد المدح للنبي صلى الله عليه وسلم ومنها قصيدة البردة للبوصيري وفيها من الشرك مافيها كقوله :
يا من ليس لي من ألوذ به 
سواك عند حدوث الحادث العمم 
فإن من جودك الدنيا وضرتها 
ومن علومك علم اللوح والقلم 
فاللهم إنا ندعوك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العلا - كما أمرتنا - أن تغفر لنا وترحمنا وأن تدخلنا الفردوس الأعلى من الجنة بلا سابقة عذاب. 
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
و الحمد لله رب العالمين.
-----------------------------
كتبه // فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب 
الخميس ٤ من ربيع الأول ١٤٣٩هجرية - ٢٣من نوفمبر ٢٠١٧م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق