صلاة بلا خشوع , كجسد بلا روح ــ مكتوب


( صلاة بلا خشوع .. كجسد بلا روح )
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، 
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. 
وبعد.
على الرغم من أهمية الصلاة ومنزلتها العظيمة في دين الله، إلا أن جل المسلمين اليوم - إلا من رحم ربي - قد أضاعوها. إما بتركها مطلقا وإلا فبالتهاون في المحافظة على وقتها، وإلا فبتضيبع خشوعها. وأنا يهمني أن أتحدث عن الخشوع، لأن هذا قد أخل به أكثر المصلين - إن لم يكن كلهم - ولو استعرضنا جملة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتحققنا من أهمية الخشوع في الصلاة .
وضياع الخشوع راجع - في نظري - إلى سبب رئيسي هو قسوة القلب. والتي سببها كثرة الذنوب والمعاصي ودخول الفتن في القلب. كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم. ولكي نخشع في صلاتنا لا بد من إزالة هذا الران الذي غشي القلب. ثم بعد ذلك نأخذ بأسباب الخشوع وإلا فلم ولن نخشع. قال تعالى : " (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)
[سورة الحديد 16]
** أولا : آيات وأحاديث في الخشوع في الصلاة :
- قال تعالى : (ِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [سورة المؤمنون 1-2]
- وقال تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [سورة البقرة 45]
- وقال تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [سورة اﻷحزاب 35]
- روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه - في رواية لا يحدث فيهما نفسه - غفر له ماتقدم من ذنبه " وفي رواية : " إلا وجبت له الجنة "
- روى أبو داود وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس صلوات افترضهن الله تعالى من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه "
- وروى أبوداود وصححه الألباني أيضا : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه "
- روى الإمام أحمد والحاكم وصححه الألباني عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته. قال : يارسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها "
- روى الطبراني وصححه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل الذي لا يتم ركوعه وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شيئا " 
- وفي الصحيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبلال رضي الله عنه : " أرحنا بها يا بلال " ونحن لسان حالنا يقول - إن لم يكن لسان مقالنا - أرحنا منها. والعياذ بالله.
** ثانيا : أسباب الخشوع في الصلاة :
أسباب الخشوع في الصلاة كثيرة جدا. وأذكر جملة منها باختصار :
[ ١ ] معرفة الله وتعظيم قدره : 
فكلما ازدادت معرفة العبد بربه وعظمه في نفسه ازداد خشية من الله وبالتالي خشوعا في صلاته. قال تعالى : " إنما يخشى الله من عباده العلماء "
[ ٢ ] تعظيم قدر الصلاة. 
[ ٣ ] الاستعداد والتهيؤ للصلاة. لا أن ينشغل بأعماله حتى إذا أقيمت الصلاة جاء يجري ويلهث. وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ألا نفعل ذلك بل نأتي الصلاة وعلينا السكينة. 
[ ٤ ] اتخاذ السترة والقرب منها. حتى لا يمر أحد أمامه وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم. 
[ ٥ ] التدبر في القراءة 
[ ٦ ] التذلل لله في الركوع والسجود 
[ ٧ ] استحضار القرب من الله في السجود 
[ ٨ ] عدم الالتفات في الصلاة 
[ ٩ ] الطمأنينة وعدم الإسراع في أداء الصلاة ركوعا وسجودا وقياما وقعودا. 
[ ١٠ ] تجنب كل ما يشغل المصلي ويلهيه عن صلاته. 
[ ١١ ] الاستعاذة بالله من الشيطان. وهناك شيطان اسمه خنزب أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه أنه يأتي للمصلي ويوسوس له وأمر بالاستعاذة منه والتفل عن اليسار. 
[ ١٢ ]تذكر الموت. ففي المسند وصححه الألباني عن أبي أيوب قال صلى الله عليه وسلم : " إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع " 
[ ١٣ ] أن يقرأ آية آية. ويقف على رؤوس الآيات وهو السنة. 
[ ١٤ ] تحسين الصوت بالقرآن. فروى الحاكم وصححه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا " لكن ليس بألحان أهل الطرب والغناء. 
[ ١٥ ] النظر موضع السجود.حتى لا يتشوش ولا ينشغل بشيء
[ ١٦ ] التنويع في السور والآيات حتى لا يعتادها فيذهب التفكر والتدبر. 
[ ١٧ ] التأمل في حال السلف وكيف كان خشوعهم وبكاؤهم في الصلاة. 
[ ١٨ ] معرفة مزايا الخشوع. كما في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب مالم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله " 
[ ١٩ ] إزالة كل مايشغل المصلي. كما في البخاري قوله صلى الله عليه وسلم : " ياعائشة أميطي عني قرامك فإنه لاتزال تصاويره تعرض لي في صلاتي " وهو ستار معلق. 
[ ٢٠ ] ألا يصلي بحضرة طعام ولا وهو محصور ببول أو غائط. ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين " 
[ ٢١ ] عدم التشويش على المصلين بقراءة القرآن. ومن باب أولى بالهواتف ونغماتها وقد تكون موسيقى محرمة. 
[ ٢٢ ] أن يزيل النعاس. وذلك بتجديد الوضوء ونحوه. 
[ ٢٣ ] مجاهدة التثاؤب. فعند مسلم قال صلى الله عليه وسلم : " إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل " 
[ ٢٤ ] عدم السدل في الصلاة. وهو لبس العباءة والجبة دون أن يدخل ذراعيه في أكمامها . فكلما كادت أن تسقط رفعها وانشغل بها. وقد روى أبو داود وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه "
** ثالثا : مراتب الناس في الصلاة :
* الأولى : الظالم لنفسه :
وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها. وهذا معاقب.
* الثانية : من يحافظ على مواقيتها وأركانها الظاهرة ووضوئها لكنه ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة. وهذا محاسب.
* الثالثة : من حافظ على مواقيتها وأركانها وحدودها وجاهد نفسه في دفع الوساوس فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق من صلاته. فهذا مكفر عنه.
* الرابعة : أكمل حقوقها وأركانها وحدودها وهمه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي واكمالها وقد استغرق قلبه شأن الصلاة. فهذا مثاب.
* الخامسة : كذلك. ومع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه مراقبا له ممتلئا من محبته وعظمته فهو مشغول بربه قرير العين به. قد جعل قرة عينه في الصلاة. فهذا مقرب من ربه.
فنسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا. وأن يعيذنا من شر الشياطين لنخشع في صلاتنا. 
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = 
كتبه // فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب 
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين 
الخميس. ٢٧ من صفر ١٤٣٩هجرية - ١٦ من نوفمبر ٢٠١٧م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ 
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق