هل الكفار
إخـوة لنا ؟
كتبه
حـازم بـن
عـلي خـطاب
غفر الله
له ولوالديه وللمسلمين
} بسم الله الرحمن الرحيم {
m
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي
له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
] يَا أَيُّهَا الّذِينَ
آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ
مّسْلِمُونَ[ [آل عمران:102].
] يَآ أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالاً كَثِيْراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوْا اللَّهَ
الَّذِيْ تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيْباً[[النساء:1]
] يَا أَيُّهَا الّذِينَ
آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماًً[ [ الأحزاب:70،71].
أما بعد
فإن
أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد – e - وإن شر الأمور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وبعد ،،،
نشكو إلى الله سبحانه وتعالى أناسًا تصدروا للدعوة ، ولبسوا لباس
العلماء ، وأظهرهم أتباعهم من الجهال على أنهم علماء الأمة الكبار ،
ودعاتها الأخيار ، فلبَّسوا على الناس دينهم ، وأضلوهم إضلالاً كبيرًا ،
وصدق نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال كما في الصحيح : " أخوف ما
أخاف على أمتي الأئمة المضلون " فقرأنا لهؤلاء المضلين وسمعنا كلام بعضهم أن النصارى إخواننا ، وحثنا الإسلام على مصافاتهم وموادتهم ، والأدهى من ذلك من يلبس على الناس أنهم مؤمنون كما قال القرضاوي : " فكل القضايا بيننا مشتركه فنحن أبناء وطن واحد ، مصيرنا واحد ، أمتنا واحدة ، أنا أقول عنهم إخواننا المسيحيين ، البعض ينكر عليَّ هذا ، كيف أقول إخواننا المسيحيين " إنما المؤمنون أخوة " نعم نحن مؤمنون وهم مؤمنون بوجه آخر "
وقال : إن العداوة بيننا وبين اليهود من أجل الأرض فقط لا من أجل الدين وقرر أن قوله تعالى : " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا " أن هذا بالنسبة للوضع الذي كان أيام الرسول e وليس الآن، مع العلم بأنه يستدل بآخر الآية على قرب النصارى الآن من المسلمين!! ، ويقول " إذا عز المسلمون عز إخوانهم المسيحيون من غير شك وإذا ذل المسلمون ذل المسيحيون "
ـ وقرر في مواضع أن الإسلام – بزعمه- يحترم أديانهم المحرفة ، وقرر أنهم كالمسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ، وأن الأرضيات مشتركة بين المسلمين وبين النصارى ، وأن الإسلام ركز على نقاط الاشتراك بيننا وبينهم لا على نقاط الاختلاف، وأنه لا بد أن يقف المسلمون والنصارى جميعا في صف واحد على هذه الأرضيات المشتركة بينهم ضد الإلحاد والظلم والاستبداد، ويذكر أن الجهاد إنما هو للدفاع عن كل الأديان لا عن الإسلام فقط، وجوز تهنئتهم بأعيادهم، وتوليتهم للمناصب والوزارات "
فنقول للقرضاوي :
ـ هل نسيت قوله تعالى في هؤلاء النصارى : " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " ؟ [ المائدة : 73 ]
ـ هل نسيت قوله تعالى : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو الميسح ابن مريم " ؟ [ المائدة : 72 ]
ـ هل نسيت قوله تعالى : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " ؟ [ البقرة : 120]
ـ هل نسيت قوله تعالى :" وقالت النصارى المسيح ابن الله " ؟ [ التوبة : 30 ]
ـ هل نسيت تاريخ الصليبيين مع المسلمين وكيف كانوا يذبحونهم إذا تمكنوا من ذلك ؟ وإلى الآن ما أبشع الجرائم التي يرتكبها النصارى مع المسلمين !
ـ هل نسيت ما قاله الكافر بوش ـ رئيس أمريكا الأسبق ـ إبان غزوه للعراق : هذه حرب صليبية جديدة ؟!!
وضاع الولاء والبراء بسبب هذا الهراء ، ونظرًا لأن القضية خطيرة جد خطيرة ، لأنها تمس العقيدة ، لأن البراءة من الشرك وأهله أصل من أصول أهل السنة والجماعة ، ولأن كثيرًا من المسلمين ضاع منه هذا الأصل أحببت أن أقف هذه الوقفة لأبين لإخواني من المسلمين أبعاد هذه القضية وخطورتها وذلك من خلال النقاط التالية .
أولاً عدم جواز تولي الكافر .
لقد وردت كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحذر من اتخاذ الكافرين أولياء
ـ قال تعالى : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة .. " [آل عمران : 28 ]
ـ قال تعالى : " بشر المنافقين بأن لهم عذابًا أليماً الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعًا " [النساء : 138، 139 ]
ـ قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " [المائدة :51]
ـ قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق " [الممتحنة : 1]
ـ قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قومًا غضب الله عليهم ... " [الممتحنة : 13]
ـ قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر " [آل عمران : 118]
ـ وروى ابن أبي شيبة بسنده أن النبي e قال : " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله "
ـ روى البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله البجلي t أن رسول الله بايعه على أن : تنصح لكل مسلم وتبرأ من الكافر " .
ـ وفي السلسلة الصحيحة عن أبي أمامة t قال رسول الله e: " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان "
ـ ورد عن حذيفة بن اليمانt أنه قال : " ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا وهو لا يشعر ، ثم تلا هذه الآية : " ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين "
ـ وروى أحمد بسند صحيح عن أبي موسى الأشعري t قال : قلت لعمر بن الخطاب t : إن لي كاتبًا نصرانيًا ، فقال له عمر : مالك قاتلك الله ـ أما سمعت الله تعالى يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض " ألا اتخذت حنيفًا ؟ ـ يعني مسلمًا ـ قال : قلت : يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه ! قال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله " .
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يعادي إلا لله وأن يحب ما أحب الله ، وأن يبغض ما أبغضه الله .
* قال ابن القيم ـ رحمه الله :
أتحب أعداء الحبيب وتدعي حبًا له ما ذاك في الإمـكان
وكذا تعادي جاهدًا أحبـابه أين المحبة يا أخا الشيطـان * قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب : " فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله والمعاداة في الله والموالاة في الله ، ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن فرقانًا بين الحق والباطل ولا بين المؤمنين والكفار ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان "
ثانيًا : صور موالاة الكفار (1)
1ـ الرضى بكفر الكافرين وعدم تكفيرهم أو الشك في كفرهم أو تصحيح أي مذهب من مذاهبهم الكافرة (2).
ويتضح هذا الأمر في كونه ولاء للكفار : إنه يسرهم ويسعدهم أن يروا من يوافقهم على كفرهم ويجاريهم على مذاهبهم الإلحادية.
ومن المعلوم في معتقد أهل السنة والجماعة: أن حب القلب وبغضه يجب أن يكون كاملاً. فالذي يحب الكافر لأجل كفره فهو كافر بإجماع الأمة، ولم يخالف في ذلك أحد من علماء المسلمين. يقول ابن تيمية رحمه الله:
" أما حب القلب وبغضه، وإرادته وكراهيته فينبغي أن تكون كاملة جازمة لا توجب نقص ذلك إلا بنقص الإيمان. وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته. ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فإنه يعطى ثواب الفاعل الكامل، ذلك أن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها، لا بحسب محبة الله ورسوله وبغض الله ورسوله، وهذا من نوع الهوى، فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه : " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله " [سورة القصص : 50]
إذن: فالمحبة والرضى أمران جازمان لا يخرجان عن كونهما كفراً إذا كانا للكفار أو إيماناً إذا كانا للمؤمنين .
2ـ التولي العام واتخاذهم أعواناً وأنصاراً وأولياء أو الدخول في دينهم وقد نهى الله عن ذلك فقال: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير" [سورة آل عمران: 28].
قال ابن جرير في تفسيرها: " من اتخذ الكفار أعواناً وأنصاراً وظهوراً يواليهم على دينهم ويظاهرهم على المسلمين فليس من الله في شيء . أي قد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر." إلا أن تتقوا منهم تقاه " أي إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ولا تعينوهم على مسلم بفعل "
وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " [سورة المائدة: 51].
قال ابن جرير رحمه الله في تفسيرها: " من تولى اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم. أي من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه " (3) .
وقال ابن حزم: " صح أن قول الله تعالى : " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " إنما هو على ظاهره: بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين " (4).
وقال ابن تيمية: " أخبر الله في هذه الآية: أن متوليهم هو منهم وقال سبحانه: " ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء " [سورة المائدة:81].
فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب. فالقرآن يصدق بعضه بعضاً " (5) .
وقال ابن القيم: " إن الله قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى، فهو منهم " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم. وهذا عام، خص منهم من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام فإنه لا يُقر ولا تُقبل منه الجزية. بل إما الإسلام أو السيف لأنه مرتد بالنص والإجماع، ولا يصح إلحاق من دخل في دينهم من الكفار قبل التزام الإسلام بمن دخل فيه من المسلمين؛ لأن من دان بدينهم من الكفار بعد نزول القرآن فقد انتقل من دين إلى دين خير منه –وإن كانا جميعاً باطلين-، وأما المسلم فإنه قد انتقل من دين الحق إلى الدين الباطل بعد إقراره بصحة ما كان عليه وبطلان ما انتقل إليه فلا يقر على ذلك " (6)
3ـ الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر، أو التحاكم إليهم دون كتاب الله كما قال تعالى: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً " [سورة النساء: 51]
ونظير هذه الآية قوله تعالى عن بعض أهل الكتاب: " ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان " [سورة البقرة: 101-102].
فأخبر سبحانه أنهم اتبعوا السحر وتركوا كتاب الله كما يفعله كثير من اليهود وبعض المنتسبين إلى الإسلام. فمن كان من هذه الأمة موالياً للكفار: من المشركين أو أهل الكتاب ببعض أنواع الموالاة كإتيانه أهل الباطل واتباعهم في شيء من فعالهم ومقالهم الباطل: كان له من الذم والعقاب والنفاق بحسب ذلك (7).
وإن هذه الصورة من صور الموالاة قد وقع فيها معظم المنتسبين إلى الإسلام اليوم، فالإيمان ببعض ما هم عليه أمر واقع في "العالم الإسلامي" لا ينكره إلا مكابر جاهل، فها هي الببغوات من أبناء أمتنا وممن ينطقون بألسنتنا قد آمنت بالشيوعية مذهباً تارة وبالاشتراكية تارة أخرى، وبالديمقراطية نظاماً أو العلمانية دستوراً، فأخذت هذه المبادئ الكافرة وطبقتها في بلاد المسلمين ملزمة الناس بعبادتها "في الطاعة والانقياد والتنفيذ" ونصبت العداء لكل مسلم موحد ينادي في الأمة أن تعود إلى كتاب الله وسنّة رسوله e
وإن من الإيمان ببعض ما هم عليه: مسألة فصل الدين عن الدولة وإنه لا علاقة للإسلام بالسياسة، فهذه أيضاً فرع للقضية السابقة، لم توجد إلا في أوروبا أيام الاضطهاد الكنسي لرجال العلم. ولكن أين الإسلام دين العدل ودين السياسة ودين القوة من "هرطقة" رجال الكنيسة حتى يأتي بعض الأقزام فيستورد تلك السموم من أوروبا ليلبس الإسلام قناعاً مزيفاً فيقول: الإسلام علاقة بين العبد وربه والسياسة لها رجالها ولها قضاياها التي لا تمت إلى الدين بصلة
4ـ مودتهم ومحبتهم: وقد نهى الله عنها بقوله: " لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " [سورة المجادلة :22].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أخبر الله أنك لا تجد مؤمناً يواد المحادَّين لله ورسوله، فإن نفس الإيمان ينافي موادته كما ينفي أحد الضدين الآخر، فإذا وجد الإيمان انتفى ضده، وهو موالاة أعداء الله. فإذا كان الرجل يوالي أعداء الله بقلبه؛ كان ذلك دليلاً على أن قلبه ليس فيه الإيمان الواجب " (8).
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) [سورة الممتحنة: 1].
5ـ الركون إليهم : قال تعالى : " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون " [سورة هود: 113]
قال القرطبي: الركون حقيقته: الاستناد والاعتماد، والسكون إلى الشيء والرضا به (2). وقال قتادة : معنى الآية : لا توادوهم ولا تطيعوهم. وقال ابن جرير: لا تميلوا إليهم .
وهذه الآية دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم فإن صحبتهم كفر أو معصية. إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة كما قيل:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي (9)
وقال تعالى: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً * إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً " [سورة الإسراء: 74-75].
وإذا كان هذا الخطاب لأشرف مخلوق صلاة الله وسلامه عليه فكيف بغيره؟ (10) .
6ـ مداهنتهم ومداراتهم ومجاملتهم على حساب الدين: قال تعالى: " ودوا لو تدهن فيدهنون " [سورة القلم: 9].
والمداهنة والمجاملة والمداراة على حساب الدين أمر وقع فيه كثير من المسلمين اليوم، وهذه نتيجة طبيعية للانهزام الداخلي في نفوسهم. حيث رأوا أن أعداء الله تفوقوا في القوة المادية فانبهروا بهم، ولأمر ما رسخ وترسب في أذهان المخدوعين أن هؤلاء الأعداء هم رمز القوة ورمز القدوة فأخذوا ينسلخون من تعاليم دينهم مجاملة للكفار ولئلا يصمهم أولئك الكفرة بأنهم ‘‘متعصبون‘‘ ! وصدق المصطفى e إذ يقول في مثل هؤلاء: "لتتبعنَّ سَنَن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبَّ تبعتموهم . قلنا : يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال : فمن ؟ " (11).
وانظروا ـ إخواني في الله ـ إلى هؤلاء المميعين ، الذين ينسبون أنفسهم إلى السلفية من الحزبيين ـ كحزب النور في مصر وغيره ـ وإلى الدعاة المشاهير في مصر كيف انتكسوا في هذا الأمر ، فقبل الثورة ـ التي يزعمون أنها مباركة وهي محرمة في دين الله ـ كانوا يتكلمون عن الولاء والبراء ويحذرون من مجاملة النصارى على حساب الدين ، فإذا بهم يجاملونهم ، ويأخذونهم بالأحضان بعد إنشاء أحزابهم .
وانظروا إلى جماعة الإخوان وتضييعهم لهذا الأصل ـ الولاء والبراء ـ بمحبتهم للنصارى ومجاملتهم على حساب الدين ، ألم يكن نائب مؤسس جماعتهم حسن البنا نصرانيًا ؟! ألم يدعُ هؤلاء إلى مؤتمرات وحدة الأديان ؟! أليس نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ـ الإخواني ـ نصرانيًا ؟ فإلى الله المشتكى .
ولعلكم رأيتم ما حدث من محمد العريفي الذي زار مصر منذ أيام وخطب الجمعة في مسجد عمرو بن العاص ، وكيف فضل مصر على مكة والمدينة في مدحه لمصر ؟! ونحن ـ أبناء مصر ـ نعتز بها لأنها بلدنا الإسلامية ، لكن لا نفضلها على ما فضله الله ورسوله ، على مكة والمدينة ، وكيف جامل النصارى وكال لهم من الإطراء والمدح والثناء ما لم يفعله مع علماء أهل السنة وطلبة العلم منهم ؟! بل الأدهى والأمر من ذلك أنه حدث بينه وبين واحد من قساوسة مصر لقاء ، كان فيه تعانق بينهما ، وتبادل الهدايا ، ويهنئه هذا القسيس بمناسبة قدومه إلى مصر وبمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد ـ عيد ميلاد الإله والرب عندهم ـ دون نكير من هذا الدكتور الداعية الذي فتن به الناس في مصر وكأنه من كبار علماء الأمة ولا يعلمون حقيقته ، فأين الولاء والبراء ؟!
إن المداهنة والمجاملة قد تبدأ بأمر صغير ثم تكبر وتنمو حتى تؤدي –والعياذ بالله- إلى الخروج من الملة. وهذه إحدى مزالق الشيطان فليحذر المسلم منها على نفسه، وليعلم أنه هو الأعز وهو الأقوى إذا امتثل منهج الله وتقيد بشرعه ومقتضيات عقيدته.
ومن الأمور الواضحة في تاريخ المسلمين: أن من أكبر العوامل في انتصارهم –بعد الإيمان بالله ورسوله- الاعتزاز بالإسلام. يصدّق ذلك ويؤيده قول الفاروق –رضي الله عنه- : "إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله" (12)
7ـ اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين: قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون " [سورة آل عمران: 118].
نزلت هذه الآية في أناس من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين، ويواصلون رجالاً من اليهود لما كان بينهم من القرابة والصداقة والجوار فأنزل الله هذه الآية تنهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة منهم عليهم (13).
وبطانة الرجل: خاصته، تشبيهاً ببطانة الثوب التي تلي بطنه لأنهم يستبطنون أمره ويطلعون منه على ما لا يطلع عليه غيرهم. وقد بيّن الله العلة في النهي عن مباطنتهم فقال: " لا يألونكم خبالاً " أي لا يقصرون ولا يتركون جهدهم فيما يورثكم الشر والفساد ، ثم إنهم يودون ما يشق عليكم من الضر والهلاك.
والعداوة التي ظهرت منهم: شتم المسلمين والوقيعة فيهم، وقيل: بإطلاع المشركين على أسرار المسلمين (14). وفي سنن أبي داود قوله e : "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" (15).
8ـ طاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به (16)
قال تعالى ناهياً عن ذلك: " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً " [سورة الكهف: 28]. وقال : " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين " [سورة آل عمران: 149] وقال: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون " [سورة الأنعام: 121].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: " وإن أطعتموهم إنكم لمشركون " حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك، كما قال تعالى : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " [سورة التوبة: 31]). (17)
9ـ مجالستهم، والدخول عليهم وقت استهزائهم بآيات الله: قال تعالى في النهي عن مجالستهم: " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً " [سورة النساء: 140].
قال ابن جرير: " قوله : " إنكم إذاً مثلهم " أي إنكم إذاً جالستم من يكفر بآيات الله ويستهزئ بها وأنتم تسمعون فأنتم مثلهم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها.
وفي الآية دلالة واضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من الكفرة والمبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم " (18).
وفي الحديث: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابكم" (19).
10ـ توليتهم أمراً من أمور المسلمين :
كالإمارة والكتابة وغيرها، والتولية شقيقة الولاية لذلك فتوليتهم نوع من توليهم. وقد حكم الله أن من تولاهم فإنه منهم. ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم. والولاية تنافي البراءة فلا تجتمع البراءة والولاية أبداً.
والولاية إعزاز فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبداً. والولاية صلة فلا تجامع معاداة الكافر أبداً. ولو علم ملوك الإسلام بخيانة النصارى الكتّاب –مثلاً- ومكاتبتهم الفرنج أعداء الإسلام، وتمنيهم أن يستأصلوا الإسلام وأهله، وسعيهم في ذلك بجهد الإمكان: لثناهم ذلك عن تقريبهم وتقليدهم الأعمال. فهذا الملك ‘‘الصالح‘‘ كان في دولته نصراني يسمى: محاضر الدولة أبا الفضل بن دخان ولم يكن في المباشرين أمكن منه. كان قذى في عين الإسلام، وبثرة في وجه الدين. بلغ من أمره أنه وقع لرجل نصراني أسلم برده إلى دين النصرانية وخروجه من الملة الإسلامية، ولم يزل يكاتب الفرنج بأخبار المسلمين، وأعمالهم، وأمر الدولة وتفاصيل أحوالها.
وكان مجلسه معموراً برسل الفرنج والنصارى وهم مكرمون لديه، وحوائجهم مقضية عنده، ويحمل لهم الإدرار والضيافات، وأكابر المسلمين محجوبون عن الباب لا يؤذن لهم، وإذا دخلوا لم ينصفوا في التحية ولا في الكلام. وحدث أن اجتمع في مجلس ‘‘الصالح‘‘ أكابر الناس من الكتّاب والقضاة والعلماء فسأل السلطان بعض الجماعة عن أمر أفضى به إلى ذكر مخازي النصارى فبسط لسانه في ذلك وذكر بعض ما هم عليه من الأفعال والأخلاق. وقال من جملة كلامه: إن النصارى لا يعرفون الحساب، ولا يدرونه على الحقيقة لأنهم يجعلون الواحد ثلاثة والثلاثة واحداً. والله تعالى يقول: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " [سورة المائدة: 73].
وأول أمانتهم وعقد دينهم: ‘‘بسم الأب والابن وروح القدس إله واحد‘‘ فأخذ هذا المعنى بعض الشعراء وقال في قصيدة له:
كيف يدري الحساب من جعل الوا حد رب الورى تعالى ثلاثــه
ثم قال : كيف تأمن أن يفعل في معاملة السلطان كما فعل في أصل اعتقاده، ويكون مع هذا أكثر النصارى أمانة؟ وكلما استخرج ثلاثة دنانير دفع إلى السلطان ديناراً وأخذ لنفسه اثنين ولا سيما وهو يعتقد ذلك قربة وديانة؟ .
وانصرف القوم واتفق أن كبت النصراني بطنته، وظهرت خيانته فأريق دمه وسلط على وجوده عدمه (20).
11ـ استئمانهم وقد خونهم الله: قال تعالى: " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " [سورة آل عمران: 75].
12ـ الرضى بأعمالهم والتشبه بهم، والتزيي بزيهم (21)
13ـ البشاشة لهم والطلاقة وانشراح الصدر لهم وإكرامهم وتقريبهم (22).
14ـ معاونتهم على ظلمهم ونصرتهم:
ويضرب القرآن لذلك مثالين هما : امرأة لوط التي كانت ردءً لقومها، حيث كانت على طريقتهم، راضية بأفعالهم القبيحة، تدل قومها على ضيوف لوط. وكذلك فعل امرأة نوح (23).
15ـ مدحهم الثناء عليهم ونشر فضائلهم (24)
وهذه الصورة ظهرت واضحة في العصور الأخيرة فقد رأينا ‘‘أفراخ المستشرقين‘‘ –مثلاً- ينشرون فضائلهم وأنهم أصحاب المنهج العلمي السديد و..و.. إلخ كذلك جاء من ينشر ‘‘فضائل‘‘ الغرب أو الشرق مضفياً عليها ألقاب التقدم والحضارة والرقي، وواصماً الإسلام والمنتسبين إليه بالرجعية والجمود والتأخر عن مسايرة الركب الحضاري والأمم المتقدمة.
16ـ تعظيمهم وإطلاق الألقاب عليهم:
مثل: السادة والحكماء ومبادأتهم بالسلام " ومما يجب النهي عنه ما يفعله كثير من الجهال في زماننا إذا لقي أحدهم عدوَّ الله سلم عليه ووضع يده على صدره إشارة إلى أنه يحبه محبة ثابتة في قلبه. أو يشير بيده إلى رأسه إشارة إلى أن منـزلته عنده على الرأس، وهذا الفعل المحرم يُخْشى على فاعله أن يكون مرتداً عن الإسلام؛ لأن هذا من أبلغ الموالاة والموادة والتعظيم لأعداء الله " (25).
والتعظيم واللقب الرفيع رمز للعزة والتقدير وهما مقصورتان على المؤمن. أما الكافر فله الإهانة والذلة. وقد ورد في الحديث الصحيح النهي عن مبادأتهم بالسلام فقال e : "لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" (6)
17 - السكنى معهم في ديارهم وتكثير سوادهم (27).
وقد قال تعالى : " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرًا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا " [النساء 97 : 99]
قال رسول الله e : "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" (4). وقال : " لاتساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا " (5).
18 - التآمر معهم، وتنفيذ مخططاتهم، والدخول في أحلافهم وتنظيماتهم، والتجسس من أجلهم، ونقل عورات المسلمين وأسرارهم إليهم، والقتال في صفهم
وهذه الصورة من أخطر ما ابتُليت به أُمَّتُنا في هذا العصر. ذلك أن وجود ما يسمى في المصطلح الحديث‘‘الطابور الخامس‘‘ قد أفسد أجيال الأمة في كل مجال سواء في التربية والتعليم أم في السياسة وشؤون الحكم أم في الأدب والأخلاق أم في الدين والدنيا معاً.
19 - من هرب من دار الإسلام إلى دار الحرب بغضاً للمسلمين وحباً للكافرين
20 - من انخرط في الأحزاب العلمانية أو الإلحادية كالشيوعية والاشتراكية والقومية والماسونية وبذل لها الولاء والحب والنصرة
21 ـ مشاركتهم في أعيادهم والتهنئة لهم بها .
وهذا من أخطر ما يكون ، وخصوصًا أعيادهم الشركية كعيد رأس السنة الميلادية الذي يحتفلون فيه بميلاد ـ الرب يسوع ـ وهو عيسى عليه السلام ، وهذا من أعجب العجب ! كيف يكون المولود ربًا وإلهًا ، وهل البشر المولود يستحق أن يكون إلهًا مع الله ؟
فمن هنأهم بهذا العيد أو شاركهم في الاحتفال به فقد أقرهم على هذا الشرك والكفر ، ومما يؤسف ـ حقًا ـ أن كثيرًا من المسلمين ـ بجهلهم أو باستهانتهم ـ يشاركونهم في ذلك وهذا لا يجوز بحال من الأحوال .
* قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه " أحكام أهل الذمة " : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصوموهم فيقول : عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثمًا عند الله وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر والقتل وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدرس قبح ما فعل فمن هنأ أحدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه " أهـ
* قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " ... وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا . وإذا هنأونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ..... وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي e : " من تشبه بقوم فهو منهم " ، قال شيخ الإسلام : " ابن تيمية في كتابه " اقتضاء الصراط المستقيم مخافة أصحاب الجحيم " : مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " انتهى كلامه رحمه الله . ومن فعل شيئًا من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددًا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب ، لأنه من المداهنة في دين الله ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم يدينهم " أهـ
فمن معاني قوله تعالى : " والذين لا يشهدون الزور " [الفرقان : 72] الذين لا يشهدون الباطل ولا يحضرونه .
قال ابن باز ـ رحمه الله ـ : " لا يجوز للمسام مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم ، بل يجب ترك ذلك لأن من تشبه بقوم فهو منهم ، والرسول e حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم ، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، ولا تجوز لهم المساعدة في ذلك بأي شيء لا بشاي ولا بقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ، فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان " [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 61405 ]
22 ـ اتخاذهم أصدقاء وأصفياء . وقد ورد في الأثر : " لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي " وقال e: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل "
23 ـ الاستغفار لهم وطلب الرحمة من الله لهم .
وهذا لا يجوز وهو مناقض لكتاب الله ، فيقول الحق سبحانه : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " [التوبة : 113 ] ، وصح عن النبي e أنه قال : " استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي "
وهذا ما فعله القرضاوي ـ هداه الله ـ مع بابا الفاتيكان ـ الكافر المشرك ـ لما مات ، عزاه بعزاء لم يعزه لعلماء المسلمين لما ماتوا كابن باز وابن عثيمين والألباني ، وغيرهم ـ رحمهم الله ـ حيث طلب من الله ـ عز وجل أن يغفر له وأن يرحمه وأن يجعل ما قدمه في خدمة دينه في ميزان حسناته !!!!
24 ـ التسمي بأسمائهم إعجابًا بهم .
25 ـ تقليدهم في الدعوة إلى النعرات الجاهلية كالقومية والوطنية والفرعونية وما شابه ذلك ، وهذا يمزق الأمة الإسلامية ويضعفها ، ويجعل كل إنسان يتعصب لقومه ، أو وطنه ، دون المسلمين في بقية أنحاء العالم .
ثالثًا : أمور لا تقدح في عقيدة الولاء والبراء
هناك بعض الأمور تتعلق بالتعامل مع الكفار قد يظنها البعض من موالاتهم ، ولكنها جائزة وليست من الموالاة في شيء منها :
أولاً : إباحة التعامل معهم في البيع والشراء .
وهذا كان يحدث في زمن النبي e وزمن الصحابة ، فكانوا يتعاملون مع اليهود بالبيع والشراء ، والرهن ، بل ثبت أن النبي e مات ودرعه مرهونة عند يهودي في سلف الشعير .
ثانيًا : إباحة الزواج من أهل الكتاب .
وهذا الأمر قد يجهله البعض ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه منسوخ ، والصحيح أنه ليس منسوخًا ، بل هو باق على الإباحة لقوله تعالى : " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .... " [المائدة : 5]
ثالثًا : ترك الشدة والغلظة في دعوتهم إلى الإسلام .
فالله سبحانه وتعالى قد وصف نبيه e بقوله : " ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك " [آل عمران : 159]
وقال سبحانه في شأن موسى وهارون: " اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى " [طه : 43 ، 44 ]
والنبي eيقول : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع الرفق من شيء إلا شانه "
رابعًا : العدل معهم وعدم ظلمهم والاعتداء عليهم .
قال تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " [الممتحنة : 8 ] ، وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله e قال : " من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا "
خامسًا : الإهداء لهم وقبول هديتهم . فقد كان النبيe يقبل الهدية من اليهود ، وقبل من المقوقس هديته .
سادسًا : عيادة مريضهم إذا كان في ذلك مصلحة .
ففي صحيح البخاري عن أنس tقال : كان غلام يهودي يخدم النبي e فمرض فأتاه النبي e يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال : أطع أبا القاسم e فأسلم ، فخرج النبي e وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار "
سابعًا : التصدق عليهم والإحسان إليهم .
قال تعالى : " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا " [ لقمان : 15 ] وفي صحيح البخاري عن أسماء ـ رضي الله عنها ـ : قدمت أمي وهي مشركة فاستفتيت النبي e فقلت : إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي ؟ قال : نعم . صلي أمك "
ثامنًا : الدعاء لهم بالهداية . فثبت في صحيح البخاري أن النبيe قال : " اللهم اهد دوسًا وائت بهم "
تاسعًا : الاستعانة بهم في الأعمال المختلفة .
فيجوز للمسلم أن يخدمه الكافر ، وأن يستعين به في التجارة والزراعة والصناعة والطب والهندسة والبناء وغيرها من المجالات ، بشرط الأمن من مكره ، وعدم وجود البديل من المسلمين ، أو كان موجودًا لكنه لا يجيده مثل الكافر ، ففي هذه الحالة لا بأس بأن يستعين به ، وقد استعان النبي e في الهجرة بعبد الله بن أريقط ليدله على الطريق ، وكان مشركًا " كما هو ثابت في الحديث الصحيح .
رابعًا : وسائلهم في إضعاف عقيدة الولاء والبراء .
لأعداء الدين وسائل كثيرة يستطيعون من خلالها أن يميعوا قضية الولاء والبراء عند المسلم ومن هذه الوسائل :
1 ـ نشر اللادينية ( العلمانية ) والمذاهب الهدامة في بلاد المسلمين .
2 ـ محاربة أصول الإسلام ومصادره ـ قرآن وسنة ـ والتشكيك فيهما
3 ـ العمل على إيجاد بدائل لمصادر الإسلام من ذلك فكر المستشرقين .
4 ـ الطعن في صحابة النبي eوهو الذين حملوا لنا الدين ، فالطعن فيهم هو طعن في الدين كله .
5 ـ محاربة اللغة العربية وتشجيع اللغات الأخرى . واللغة العربية هي لغة القرآن وهي التي تحفظ تراث الأمة الإسلامية من كتب التوحيد والعقيدة والتفسير والفقه والتاريخ والسيرة وغيرها .
6 ـ محاربة مظاهر التدين كالاستهزاء باللحية والحجاب .
7 ـ محاربة التاريخ الإسلامي وتشويهه وتزويره .
8 ـ إضعاف الهوية الإسلامية ومسخها .
9 ـ التحريش بين المسلمين وإثارة الفتن والقلاقل في بلاد المسلمين ، كما هو الحال الآن في المظاهرات والثورات التي ترتب عليها من الفساد والقتل والتخريب والترويع ما الله به عليم .
10 ـ الدعوة إلى المواطنة وزمالة الأديان ووحدة الأديان وهذا عين المسخ لعقيدة المؤمن ، وذوبانها في العقائد الباطلة الأخرى .
11 ـ رفع شأن الساقطين والساقطات والحط في نفس الوقت من قدر الصالحين والعلماء .
12 ـ تشجيع الإعلام الفاسد على ترويج الشبهات ضد الإسلام ومبادئه .
خامسًا : أقوال العلماء في عدم جواز قول أخي لغير المسلم :
** سئل ابن باز ـ رحمه الله ـ : يسكن معي واحد مسيحي ويقول أخي ونحن إخوة ويأكل معنا ويشرب معنا هل يجوز هذا العمل أم لا ؟
فأجاب : الكافر ليس أخًا للمسلم والله سبحانه يقول : " إنما المؤمنون إخوة " [ الحجرات : 10 ] ، فليس الكافر ـ يهوديًا أو نصرانيًا أو وثنيًا أو مجوسيًا أو شيوعيًا أو غيرهم ـ أخًا للمسلم ، ولا يجوز اتخاذه صاحبًا وصديقًا ، لكن إذا أكل معه بعض الأحيان من غير أن يتخذه صاحبًا أو صديقًا إنما قد يقع ذلك في وليمة عامة أو وليمة عارضة فلا حرج في ذلك ، أما اتخاذه صاحبًا وجليسًا وأكيلاً فلا يجوز ، لأن الله قطع بين المسلمين وبين الكفار الموالاة والمحبة .... " [ مجموع فتاوى ومقالات الجزء 6]
** سئل ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " عن حكم قول أخي لغير المسلم وكذلك قول : صديق ورفيق ، وحكم الضحك إلى الكفار لطلب المودة ؟
فأجاب : أما قول : يا أخي لغير المسلم فهذا حرام ولا يجوز إلا أن يكون أخًا له من النسب أو الرضاع ، وذلك لأنه إذا انتفت أخوة النسب والرضاع ، لم يبق إلا أخوة الدين ، والكافر ليس أخًا للمؤمن في دينه ، وتذكر قول نبي الله تعالى نوح : " رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك " [ هود : 45، 46 ]
وأما قول : صديق ورفيق ونحوهما فإذا كانت كلمة عابرة يقصد بها نداء من جهل اسمه منهم ، فهذا لا بأس به ، وإن قصد معناها توددًا وتقربًا منهم فقد قال الله تعالى : " لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " [ المجادلة : 22 ] ، فكل كلمات التلطف التي يقصد بها المودة لا تجوز للمؤمن أن يخاطب بها أحدًا من الكفار . وكذلك الضحك إليهم لطلب الموادة بيننا وبينهم لا يجوز كما علمت من الآية الكريمة " أهـ [ مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 42 ]
** وقال : " لا يحل لمسلم أن يصف الكافر ـ أيًَّا كان نوع كفره سواء كان نصرانيًا أم يهوديًا أم مجوسيًا أم ملحدًا ـ لا يجوز أن يصفه بالأخ أبدًا ، فاحذر يا أخي مثل هذا التعبير ، فإنه لا أخوة بين المسلمين وبين الكفار أبدًا ، الأخوة هي الأخوة الإيمانية كما قال الله ـ عز وجل : " إنما المؤمنون إخوة " [ الحجرات : 10 ] ، وإذا كانت قرابة النسب تنتفي باختلاف الدين فكيف تثبت الأخوة مع اختلاف الدين وعدم القرابة ؟ ....." [ فتاوى العقيدة المجلد 3 الولاء والبراء ]
سادسًا : موقف المسلم من غير المسلمين .
إذا قلنا بعدم جواز أن يقول المسلم للكافر ـ أيًا كان نوع كفره ـ : أخي ، وإذا قلنا بعدم جواز محبة ومودة الكافر ، فهل يعني هذا أنه يجوز الاعتداء عليه وظلمه ؟
فنقول : أما الكافر الحربي ـ الذي يقاتل المسلمين ويعتدي عليهم ـ فلا حرمة لماله ولا لدمه ولا لعرضه ، فهذا يجوز قتله إذا تمكن منه المسلم .
أما الكافر غير الحربي ، سواء كان ذميًا أو معاهدًا أو مستأمنًا ـ أي دخل بلاد المسلمين بعقد أمان ـ كما هو حال السفراء والسائحين والزائرين ، فهذا لا يجوز الاعتداء عليه ، فدمه وماله وعرضه معصوم ، فقد قال تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " [ الممتحنة : 8 ]
وقد مر بنا حديث عبد الله بن عمروt أن رسول الله e قال : " من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفًا "
هذه بعض المقتطفات التي يتبين من خلالها أن مسألة موالاة الكافرين ومحبتهم منافية لعقيدة التوحيد لله ـ عز وجل ـ وأن ترويج أهل الباطل وعلماء الضلالة للقول بأن النصارى في مصر ـ وفي غيرها ـ إخوة لنا ، بحجة أننا نعيش في وطن واحد ، ومحاولة مسخ عقيدة الولاء والبراء من الخطر بمكان ، فالنصارى ليسوا إخوة لنا لأن الله ـ جل وعلا ـ يقول : " إنما المؤمنون إخوة " [الحجرات : 10 ] فقد قصر الله سبحانه الأخوة على المؤمنين .
هذا وأسأل الله ـ عز وجل ـ أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً وأن يرزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه وأفضل رسله محمد وآله والحمد لله رب العالمين .
وكتبه
حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه والمسلمين
مصر ـ سوهاج
____________________-
1 ـ من أحسن من كتب في ذلك الإمام/ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأبناؤه، لذلك فمعظم هذه الصور منقولة من كتبه. وهو مقتضب من كتاب الولاء والبراء في الإسلام مع تصرف بالحذف والزيادة
(1) المصدر السابق : (ج6/277) .
(2) "المحلى": (ج13/35) الناشر مكتبة الجمهورية العربية بمصر .
(3) انظر "الإيمان" لابن تيمية: (ص14) طبع المكتب الإسلامي.
(4) "أحكام أهل الذمة" لابن القيم: (ج1/67،69).
(5) انظر "فتاوى ابن تيمية" : (ج28/199-201) .
(6) " الإيمان" : (ص 13).
(7) "تفسير القرطبي": (ج9/108)، وانظر "البغوي والخازن" : (ج3/256). أما البيت فهو لطرفة بن العبد
(8) المصدر السابق.
(9) "مجموعة التوحيد" : (ص117) ط. دار الفكر.
(0) "صحيح البخاري" : (ج13/300 ح7320) كتاب الاعتصام، و"صحيح مسلم": (ج4/2054 ح2669). واللفظ للبخاري.
(11) أخرجه الحاكم في "المستدرك" : (ج1/62) كتاب الإيمان. وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
(12) "أسباب النـزول" للواحدي: (ص 68).
(13) انظر "تفسير البغوي": (1/409)، و"تفسير ابن كثير": (2/89).
(4) "سنن أبي داود": (ج5/168، ح4833) كتاب الأدب، وفي "المسند" : (ج16/178، ح8398)، طبعة شاكر، والترمذي: (ج7/111، ح2379) في "الزهد"، وقال هذا : حديث حسن غريب .
(15) "مجموعة التوحيد" : (ص 117).
(16) "تفسير الطبري" : (ج5/330).
(17) رواه أحمد في "المسند" (ج8/80، ح5705) بتحقيق أحمد شاكر، و"صحيح البخاري": (ج8/125، ح4419) كتاب المغازي، و"صحيح مسلم": (ج4/2185، ح2980) كتاب الزهد.
(8) "أحكام أهل الذمة" لابن القيم: (ج1/242-244) بتصرف يسير .
(19) "مجموعة التوحيد" : (117).
(20) "مجموعة التوحيد" (ص117)
(21) "تفسير ابن كثير": (ج6/210).
(22) "مجموعة التوحيد" (ص117) ، ورسائل سعد بن عتيق: (ص101).
(23) "تحفة الإخوان" للشيخ حمود التويجري: (19)، الطبعة الأولى، مؤسسة النور بالرياض.
(4) "صحيح مسلم" : (ج4/1707، ح2167) كتاب السلام، وأبو داود: (ج5/384، ح5205) في الأدب.
(25) "الرسائل المفيدة" للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ : (ص64).
(26) أبو داود: (ج3/224، ح2787)) كتاب الجهاد، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن، انظر "صحيح الجامع الصغير": (ج6/279، ح6062).
(27) الحاكم في "المستدرك": (ج2/141)، وقال صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ>
____________________
رابط تحميل الملف بصيغة الوورد ( http://3rbup.com/47d374bf2038ba96 )
0 التعليقات:
إرسال تعليق