يا أهل مصر حافظوا على أمن بلدكم



ـ(( يا أهل مصر حافظوا على أمن بلدكم ))ـ

الحمد لله رب العالمين وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، 
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد . 

مصر من أكثر الدول تعرضا للاعتداء وكم تحطم من الغزاة على أرضها قديما وحديثا. ولا يزال المكر يحيق بها من الداخل ومن الخارج. ولكن الله - عزوجل - يخلصها من مكر الماكرين وكيد الكائدين. وفي أيامنا أصبح الخطر من الداخل أعظم وأخطر بكثير من الخطر من الخارج وهذا ما يخطط له أعداؤها ونجحوا في ذلك نوع نجاح، وما زالت عناية الله وحفظه لمصر كائنا.
وإن مصر دولة عريقة ووطن عظيم الشأن - ليست لأنها بلدي ومنشأ صباي ومسقط رأسي - لأن الله من فوق عرشه ومن عليائه أنزل مصر هذه المنزلة في كتابه العزيز وهاكم الأدلة على ذلك :
** أولا : مصرنا الحبيبة مأوى كثير من الأنبياء ووطئ أرضها جملة منهم مثل إبراهيم وموسى وعيسى ويوسف وهارون وغيرهم.
** ثانيا : مصرنا بلد الواد المقدس. قال تعالى : " (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) [سورة طه 12]
** ثالثا : مصرنا هي الأرض المقدسة. حيث قال تعالى على لسان موسى عليه السلام : " (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) [سورة المائدة 21]
** رابعا : مصرنا أرض التجلي الإلهي. حيث تجلى ربنا لجبل الطور. قال تعالى : " (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة اﻷعراف 143]
** خامسا : مصرنا بلد المناجاة الإلهية لموسى عليه السلام. قال تعالى يناجي كليمه موسى عليه السلام : " (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) [سورة مريم 52]
** سادسا : مصر بلد الأمن لمن دخلها - وإن شوه أمنها التفجيريون - قال تعالى : " (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)[سورة يوسف 99]
** سابعا : مصرنا بلد الشجرة المباركة الطيبة. قال تعالى : "(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ)
[سورة المؤمنون 20] وطور سيناء في مصر.
** ثامنا : مصرنا هي التي أقسم الله ببعض أماكنها فقال تعالى : " (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ . وَالطُّورِ) [سورة الطور 1]
وقال تعالى : " (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)
[سورة التين 1 ]
** تاسعا : مصرنا بلد اليم الذي احتضن موسى عليه السلام في صغره. قال تعالى : " (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [سورة القصص 7]
** عاشرا : مصرنا خزائن الأرض كما سماها يوسف عليه السلام. قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام : (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
[سورة يوسف 55 ]
** حادي عشر : مصرنا بلد الربوة التي أوت إليها مريم بابنها عيسى عليه السلام. قال تعالى : " (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [سورة المؤمنون 50]
** ثاني عشر : مصرنا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه. روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما "
** ثالث عشر : مصرنا بلد البقعة المباركة. قال تعالى : " (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
[سورة القصص 30]
- الأمر الثاني : نعمة الأمن على مصر.
لقد منح الله مصر هذه النعمة - نعمة الأمن - فيا أهل مصر ضيعوا الفرصة على الأعداء ولا تمكنوهم من العبث بأمن مصر. واذكروا نعمة ربكم في الأمن. فما أعظمها من نعمة وما أجلها من هبة.
* قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام في دعوته لربه بالأمن لبلده الحرام : " (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [سورة إبراهيم 35]
* وقال تعالى : " (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)
[سورة العنكبوت 67 ]
* قال تعالى عن أهل الجنة : " (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ)
[سورة الحجر 46 ]
* قال تعالى عنهم أيضا : " (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) [سورة سبأ 37]
- روى الترمذي وغيره وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أصبح ابن آدم معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "
إذن نعمة الأمن من أجل النعم التي ينعم الله بها على عباده، ولا قيمة للحياة ولا طعم لها إذا فقدت نعمة الأمن. وهناك وسائل لتحقيق هذه النعمة منها
[ ١ ] شكر الله على هذه النعمة حتى تدوم. قال تعالى : " (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
[سورة إبراهيم 7]
وقال تعالى : " (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة النحل 112] فهذه القرية كانت آمنة مطمئنة ورزقنا واسع لكن لما كفرت بنعم الله حل عليهم الجوع والخوف. وهذا حالنا نحن وحال كثير من البلاد لم تشكر النعم التي أنعم الله بها عليهم فوقعوا في ويلات ونكبات وحل بهم الخوف والرعب بضياع الأمن
[ ٢ ] تحقيق التوحيد والإيمان بالله جل وعلا. قال تعالى : " (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [سورة اﻷنعام 82]
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك. لقوله : " إن الشرك لظلم عظيم " والإنسان ينال من الأمن في الدنيا والآخرة بحسب ماعنده من إيمان.
[ ٣ ] تطبيق حدود الله. روى ابن ماجه وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " .....ومالم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم. ...." وهذه الفتن وهذا البأس الذي بيننا من قتل وسفك دماء أسه وأساسه ترك الحكم بشرع الله.
[ ٤ ] نشر العلم الشرعي الصحيح القائم على الدليل وبفهم السلف. والذي ضيع الشباب وجعل منهم خوارج وتكفيريين وتفجيريين هو بعدهم عن منهج السلف وفهمهم للقرآن والسنة بفهمهم هم أو بفهم قادتهم المخالف لفهم السلف.
[ ٥ ] معاملة الحكام وفق منهج السلف.
وهو طاعتهم في غير معصية الله. وعدم الخروج عليهم وإن جاروا وظلموا مالم يصلوا إلى الكفر البواح. لأن الصحابة رضي الله عنهم لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم عن أئمة الجور : ألا نقاتلهم قال : " لا . إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان. " وحتى في حالة ظهور الكفر البواح من الحاكم لا يجوز قتاله والخروج عليه إلا مع القدرة وإلا سام المسلمين سوء العذاب ولنا في بشار الأسد الكافر عبرة لما خرج عليه المسلمون وليس عندهم القدرة على قتاله شردهم ونكل بهم.
[ ٦ ] الدعاء. أي أن نتضرع إلى الله تعالى أن يزيل الغمة عن المسلمين وأن يرد كيد الكافرين والماكرين بأوليائه. وأن يؤمنهم في ديارهم وأوطانهم.
فنسأل الحق سبحانه أن يجعل مصر بلد الأمن والأمان وسائر بلاد المسلمين.

وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين
= = = = = = = = = = = = = = =
وكتبه فضيلة الشيخ أبو إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الخميس 1 من شعبان ١٤٣٨هجرية - ٢٧ من أبريل ٢٠١٧م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق