يا أهل الإيمان !! احفظوا الأيمان



ـ[ يا أهل الإيمان !! احفظوا الأيمان ]ـ
....
لقد انتشر في زماننا هذا كثرة الحلف، سواء كان الحلف بالله أو بغير الله. فهذا يحلف بالله وقد يكون كاذبا. وهذا يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا يحلف بالكعبة، وهذا يحلف بالأمانة، وهذا يحلف بالنعمة ، وهذا يحلف بالطلاق، وهذا يكثر من الحلف. 
ولم يعلم هؤلاء - أو يعلموا - قبيح ما فعلوا، فإن كان حلفا بغير الله فهو شرك - كما سيأتي - وإن كان حلفا بالله ولكنه كان كاذبا فهو كبيرة من الكبائر، وإن كان صادقا ولكنه يكثر من الحلف فهو مذموم وإن لم يكن معصية. 
لذا أحببت أن أحذر من هذه الظاهرة الخطيرة التي استشرت بين الناس، وأصبح الأكثرون لا يبالون بهذه الأيمان. 
** أولا : أقول : لقد وردت كثير من الآيات القرآنية في ذلك. 
- قال تعالى : " ولا تطع كل حلاف مهين " ( القلم ١٠ ) 
- قال تعالى : " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم * لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم " ( البقرة ١٢٤- ٢٢٥ ) 
- قال تعالى : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم. ..." ( المائدة ٨٩ ) 
- قال تعالى في شأن المنافقين : " ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ...." ( التوبة ٥٦ ) 
- وقال تعالى عنهم أيضا : " ويحلفون على الكذب وهم يعلمون " ( المجادلة ١٤ ) 
** ثانيا : لقد وردت كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. وإن كان في بعضها جواز الحلف كما في إقسامه عليه الصلاة والسلام. من هذه الأحاديث. 
[ ١ ] في الصحيحين عن البراء رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبرار المقسم " وهذا من حفظ الأيمان. إذا أقسم عليك أخوك المسلم أن تبر قسمه. 
[ ٢ ] وفيهما أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة " وهذا كثير عند التجار يكثرون من الحلف - ولو كذبا - ليروجوا تجارتهم. 
[ ٣ ] وفيهما أيضا عنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال سليمان عليه السلام : لأطوفن الليلة على تسع نسوة تحمل كل واحدة منهن فارسا يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه : قل : إن شاء الله. فلم يقل : إن شاء الله. فلم تلد واحدة منهن إلا امرأة جاءت بشق رجل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وايم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون " والشاهد في الحديث هو قسم النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل على جواز الحلف لمصلحة. 
[ ٤ ] وفيهما عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت اليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين ورأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير " 
[ ٥ ] وفيهما عن أبي ذر رضي الله عنه قال : انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال : هم الاخسرون ورب الكعبة. فقلت : بأبي وأمي أنت يا رسول الله. من هم ؟قال : الأكثرون أموالا إلا من قال بيده هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. ....." أي أنفق من ماله على كل حال وفي أوجه الخير من كل ناحية. 
[ ٦ ] وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أمة محمد - والله - لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " 
[ ٧ ] وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يمينك على ما يصدقك به صاحبك " وفي رواية عند مسلم أيضا " اليمين على نية المستحلف " لكن هذا باتفاق أهل العلم عند القاضي. لذلك قال الإمام النووي - رحمه الله - : " الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي فإذا ادعى رجل على رجل حقا فحلفه القاضي فحلف وورى فنوى غير ما نواه القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي ولا تنفعه التورية " إذن لو أراد الإنسان أن يحلف على شيء غير الذي استحلف عليه جاز له ذلك بأن يستعمل التعريض. والتورية ليخرج من الكذب إلا عند القاضي فلا يجوز. 
[ ٨ ] روى الطبراني بسند صحيح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه " وقوله أشيمط زان أي رجل عجوز ومع ضعفه يزني والعياذ بالله. وقوله : عائل مستكبر أي فقير متكبر. والشاهد من هذا الحديث هو هذا الرجل الذي يكثر من الحلف في البيع والشراء حتى لا يبيع ولا يشتري إلا بالحلف 
[ ٩ ] روى أبو داود ومالك في الموطأ وصححه الألباني عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحلف أحد عند منبري على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار " وهذا يدل على أن الحلف الكاذب في مثل هذا المكان تضاعف عليه العقوبة. 
** هذا. وإذا كان الحلف بالله كاذبا كبيرة من كبائر الذنوب فإن الحلف بغير الله واسمائه وصفاته شرك. لذلك صح الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقا " لماذا؟ لأن الحلف بالله كاذبا ذنب وكبيرة. أما الحلف بغير الله فهو شرك. لذلك ورد في أحاديث صحيحة التحذير من الحلف بغير الله 
- قال صلى الله عليه وسلم : " من حلف بغير الله فقد أشرك " 
- وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تحلفوا بآبائكم " 
- وقال صلى الله عليه وسلم : " من حلف بالأمانة فليس منا " .وغير ذلك من الأحاديث. 
فليتق الله كل واحد منا ولا يحلف بالله كاذبا ولا يكثر من الحلف بالله ولو كان صادقا. وليتجنب الحلف بغير الله لأنه شرك. صحيح أنه شرك أصغر. لكنه أكبر من أي كبيرة بل - على الصحيح - أن الله لا يغفره لصاحبه إلا بالتوبة منه. لكن الفرق بينه وبين الشرك الأكبر أن الشرك الأكبر صاحبه مخلد في النار والشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار " 
وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه.
والحمد لله رب العالمين ..
- - - - - - - - - - - 
وكتبه فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب 
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين 
الأربعاء ١ من رجب ١٤٣٨هجرية - ٢٩ من مارس ٢٠١٧م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
= = = = = = = = = = = = = = = = =
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق