كما تدين تدان ... والجزاء من جنس العمل




ـ(( كما تدين تدان ... والجزاء من جنس العمل ))ـ
الحمد لله رب العالمين وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
وبعد .
لقد استهان الناس بالمحرمات، وصغرت في أعينهم الجرائم المعظمات، فهذا استهان بالدماء وقتل الأبرياء، وهذا خاض في الأعراض وانتهكها بلا خجل ولا حياء. وهذا سخر من الدين وانتقص خير خلق الله الأنبياء . ونسي هؤلاء أو تناسوا سنة الله في الماضين من الأشقياء.
- إن المتأمل في القرآن العظيم وفي قصص السابقين من الهالكين ليجد هذه السنة الإلهية في المكذبين للرسل المعاندين لشرع الله واضحة. وهذا ليكون فيها العبرة لكل معتبر، واصطبارا لمن أوذي في سبيل الله ليصطبر. فإن لم يؤاخذ المتجبر المتكبر الكافر في الدنيا ، فالنكال والعذاب في الآخرة أشد.
** وهناك كثير من الآيات القرآنية نصت - أو أشارت - إلى أن الجزاء من جنس العمل. هذا بجانب مواضع القصص للهالكين.
ومن هذه الآيات :
- قال تعالى : " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنما نحن مستهزئون " فكان الجواب على استهزائهم : " الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون " فإن هؤلاء المنافقين لما استهزأوا بالمؤمنين عوقبوا بالجزاء من جنس عملهم وهو استهزاء الله بهم وعدم هدايتهم واستمرارهم في طغيانهم وضلالهم.
- قال تعالى : " الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم " فكان الجزاء : " سخر الله منهم ولهم عذاب أليم " فهؤلاء المنافقون لما سخروا من المؤمنين في صدقاتهم . كان جزاؤهم من جنس عملهم وهو سخرية الله منهم ووعيدهم بالعذاب الأليم.
- والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله " قال ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية ( المائدة ٣٨ ) : " أي مجازاة على صنيعهما السيئ في أخذ أموال الناس بأيديهم فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك والجزاء من جنس العمل.
- قال تعالى : " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " ( النساء ١٢٣ )
- قال تعالى : " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " ( الصف ٥ )
- قال تعالى : " فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون " ( التوبة ٨٢ )
- قال تعالى : " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " ( الأنفال ٣٠ )
- قال تعالى : " إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا " ( الطارق ١٥ ، ١٦ ) والآيات في ذلك كثيرة.
** ومن الأحاديث التي تشير إلى ذلك :
- في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى في الحديث القدسي وهو يخاطب الرحم حين تعلقت به : " أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت : بلى. قال : فذلك لك " فالجزاء من جنس العمل فمن قطع الرحم قطعه الله كما أن من وصلها وصله الله
- روى الترمذي وحسنه وصححه الألباني رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه " والجزاء من جنس العمل فاستحق اللعن لأنه لعن من لا يستحق اللعن فعوقب به
- روى الترمذي وصححه الألباني رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار "
** فإذا جئنا لواقع الهالكين المعذبين - في الدنيا قبل الآخرة - لرأينا القصص التي فيها العبر ومن ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - هذه المواقف بإيجاز والماح.
** قوم نوح - عليه السلام - وهم أول من وقع في الشرك على ظهر الأرض. لما ملأوا الأرض بجبال من الشرك والخطايا، كان الجزاء من جنس عملهم أن أرسل الله عليهم الطوفان وأتتهم الأمواج كالجبال كما قال تعالى عن سفينة نوح عليه السلام : " وهي تجري بهم في موج كالجبال. ..." ( هود ٤٢ ) فطهر الله الأرض من رجسهم ومن دنس شركهم بالماء.
** قبيلة عاد وهم قوم هود عليه السلام. لما تجبروا في الأرض واغتروا بقوة أجسامهم وطولها كما قال الله تعالى عنهم : " وقالوا من أشد منا قوة؟ " فكان جزاؤهم من جنس عملهم فأرسل الله عليهم الريح العاتية التى كانت ترفع الواحد منهم إلى السماء ثم ينزل على الأرض فتنفصل رأسه عن جسده كما قال تعالى عنهم : " فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية "
** قوم لوط - عليه السلام - لما انتكست فطرتهم وقلبوها فتركوا النساء وكانوا يأتون الرجال قلب الله عليهم القرية وجعل عاليها سافلها وأمطروا بحجارة من سجيل منضود.
** فرعون. هذا الطاغية الذي ادعى الألوهية قال تعالى على لسان فرعون : " ما علمت لكم من إله غيري " وادعى الربوبية : " قال أنا ربكم الأعلى " لما تعاظم وتكبر وقال : " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي " فجازاه الله من جنس عمله فأجراها من فوقه وكان مصيره الغرق.
** كسرى ملك الفرس. لما أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم برسالته يدعوه إلى الإسلام أخذته العزة بالاثم فمزق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بأن يمزق الله ملكه. فكان الجزاء من جنس عمله فقتل وتمزق ملكه.
** قارون صاحب المال. كفر بالله ورسوله موسى عليه السلام. لما طغى قارون بماله وتكبر به وآتاه الله الكنوز الكثيرة من الأموال، حتى إن المفاتيح لخزائن أمواله يشق حملها على العصابة الكثيرة من الأقوياء فكيف بهذه الأموال؟ فكان الجزاء من جنس عمله فدفن مع هذه الكنوز في باطن الأرض
- هذا والجزاء من جنس العمل يشمل الخير والشر فالله سبحانه جازى الأنبياء من جنس عملهم من الخير وجازى الصالحين كذلك. كما قال تعالى : " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " لكنى هنا فصلت القول في الجزاء على الشر لكى أحذر أهل الفساد وأهل الشر من عقوبة الله في الدنيا قبل الآخرة، وحتى يترك أهل الإجرام إجرامهم.
وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه.
والحمد لله رب العالمين. .
- - - - - - - - - - - - -
وكتبه فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الخميس ٢ من رجب ١٤٣٨هجرية - ٣٠ من مارس ٢٠١٧م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
===============================
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق