يقيني بالله يقيني (مكتوب)



ـ( يقيني بالله يقيني )ـ
الحمد لله رب العالمين، 
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه. 
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد .
 نظرت في حالي وحال من حولي من المسلمين، بل وحال الأمة الإسلامية جمعاء فتبين لي أننا - في الغالب وعند الأكثرين - لم نحقق اليقين بالله جل وعلا. واليقين هو أعلى درجات الإيمان بالله عزوجل.
ولقد أثنى ربنا جل في علاه على أهل اليقين في غير ما آية من كتابه وبين أهميته .
- قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) [سورة البقرة 4]
- وقال تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [سورة المائدة 50]
- وقال تعالى : (هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
[سورة الجاثية 20]
 - وقال تعالى : (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [ سورة الواقعة 88 - 96]
- وقال تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [سورة السجدة 24]
- وقال تعالى : (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [سورة اﻷنعام 75]
** ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت اليقين :
 - روى أحمد والنسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلال ينادي فلما سكت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال مثل هذا يقينا دخل الجنة "
والمقصود بذلك ترديد كلمات الأذان مع المؤذن لو قالها مستيقنا بها من قلبه نال هذا الثواب.
 - روى الإمام أحمد وصححه أحمد شاكر أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب فقال : سلوا الله المعافاة أو قال : العافية. فلم يؤت أحد قط بعد اليقين أفضل من العافية "
 - روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في حديث طويل : اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة. ...."
 - روى البخاري في صحيحه عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " سيد الاستغفار أن يقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة "
 - روى البخاري في صحيحه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، قلنا : ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ قال : كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون "
** ومن الآثار الواردة فيه :
- روى البخاري في صحيحه قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : " اليقين الإيمان كله "
 - عن قتادة - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى : " كلا لو تعلمون علم اليقين " قال : كنا نحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت " ( الدر المنثور ٨ / ٤٠ )
 - قال سفيان الثوري - رحمه الله - : " لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي لطار فرحا وشوقا إلى الجنة أو حزنا وخوفا من النار " ( حلية الأولياء ٧/ ١٧ )
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين "
** صفات أهل اليقين :
[ ١ ] هوان المصائب عليهم. ومن دعائه صلى الله عليه وسلم : " ومن اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا "
[ ٢ ] راحة النفس وطمأنينة القلب فيما يفوت من حظوظ الدنيا.
[ ٣٣ ] قوة التوكل على الله والشعور بمعية الله. كما قال تعالى : " إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " وقال له : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟ "
[ ٤ ] كثرة انفاقهم ليقينهم التام بأن الله هو الرزاق.
[ ٥٥ ] الخشوع والاستقامة. قال الحسن البصري : ما أيقن عبد بالجنة حق يقينها إلا خشع ووجل واستقام حتى يأتيه الموت
[ ٦ ] الزهد في الدنيا وقصر الأمل فيها.
[ ٧ ] التفكر في الآيات الكونية والشرعية والانتفاع بها. قال تعالى : " وفي الأرض آيات للموقنين "
[ ٨ ] حققوا اليقين بالآخرة. " وبالآخرة هم يوقنون "
[ ٩ ] لا يزيغون عن الحق. قال تعالى : " قد بينا الآيات لقوم يوقنون "
[ ١٠٠ ] يرفضون حكم غير الله . بخلاف أهل الضلال. قال تعالى : " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون "
[ ١١١ ] يوقنون أن الضر والنفع بيد الله وحده. عملا بقوله تعالى : " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله. ..." وبقوله صلى الله عليه وسلم : " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك. وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك "
** ولقد حقق الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام - اليقين بالله تعالى.
- فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان على يقين بنصر الله له كما في حديث خباب رضي الله عنه الآتي.
 - وإبراهيم عليه السلام كان على يقين أن الله سيحفظ زوجه وولده إسماعيل لما تركهما في الصحراء في مكان موحش لا أحد فيه. وزوجته كذلك قالت له : الله أمرك بذلك؟ قال : قالت إذن لن يضيعنا.
 - أم موسى عليه السلام أوحى الله إليها أن تلقي ولدها في النيل فألقته وهي على يقين بحفظ الله له. بل حتى لما أدخل قصر فرعون وقد توعد - ونفذ - بقتل كل ذكر من أبناء بني إسرائيل. لكن الله حفظ موسى عليه السلام . وكذلك لما جاء فرعون وجنوده خلفه ومعه بنو إسرائيل والبحر أمامهم .قال أصحاب موسى إنا لمدركون. قال موسى عليه السلام وقلبه ممتلئ باليقين : " كلا إن معي ربي سيهدين " وبالفعل نجاه الله ومن معه .
- وهكذا كل نبي ورسول حدث له مع قومه ما كان على يقين من نصر الله له.
 - بل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث لهم جميعا ما أثبت يقينهم بالله ونصره لهم. بل التابعون وأتباعهم بإحسان إلى يومنا هذا وإلى أن يشاء الله يوجد كثير ممن امتلأت قلوبهم باليقين بالله جل وعلا.
 ** فيا أيها المسلمون. كونوا على يقين أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا. فمهما ضاقت بنا الدنيا وحلت بنا الكروب فأيقنوا أن الله ناصر دينه. لأن هذا وعد الله. لكن لما تلجأ الأمة إلى ربها وتعود إلى دينها. قال تعالى : " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي "
 أيقنوا يامن اشتد بكم الفقر وأحاط بكم العوز أن الله يبتليكم فإن صبرتم فلكم الأجر وسيأتي الفرج. وإن متم على هذه الحال متم ولكم وفير الأجر.
أيقنوا يامن اشتد بكم المرض وتستعجلون الموت. فهذا كفارة لسيئاتكم أو رفعة لدرجاتكم فلا تيأسوا من رحمة الله.
 أيقنوا يامن ضعفت نفوسكم أمام الشهوات والمعاصي أنكم إذا تبتم وأقلعتم عنها فستجدون ربا حليما غفورا رحيما توابا حكيما.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا اليقين.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
------------------------------
كتبه // فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الخميس ١٠ من ربيع الآخر ١٤٣٩هـ // ٢٨ من ديسمبر ٢٠١٧مــ.
===================================
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق