تحذير الأخلاء من البخل والبخلاء (مكتوب)



|| تحذير الأخلاء من البخل والبخلاء || الحمد لله رب العالمين وكفى والصلاة والسلام على نبينا محمد المصطفى ورسوله المجتبى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد.
 قد يظن البعض من الناس أن البخل والشح مجرد صفة قبيحة تنافي الأخلاق الكريمة، ولكن بتأمل النصوص الواردة فيهما والوعيد الشديد المترتب عليهما في الآخرة مع الأضرار والآثار المدمرة في الدنيا يتضح لنا أنهما جرم عظيم. وللأسف فإن هذا المنكر والجرم العظيم قد زاد وانتشر في كثير من البشر. فأحببت أن أحذر نفسي وإخواني وأحبابي من هذا الداء العضال. فأقول :
* أولا : الآيات والأحاديث في التحذير من البخل والشح :
 - قال تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة الحشر 9]
 - وقال تعالى : (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة آل عمران 180]
 - وقال تعالى : (هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ۖ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [سورة محمد 38]
 - وقال تعالى : (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) [سورة النساء 37]
 - في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم "
 وفي رواية : " إياكم والشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم أمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا. ...."
 - وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال : يارسول الله أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال : " أن تصدق وأن صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان "
 - وفيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو : " ....اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن الجبن والبخل ومن ضلع الدين وغلبة الرجال "
 - روى الإمام أحمد في المسند والنسائي في السنن وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا " والأحاديث كثيرة كثيرة في ذلك.
* ثانيا : أنواع البخل :
 البخل ليس فقط بإمساك المال ومنعه. بل هو أنواع كثيرة منها : البخل بالمال، والبخل بالعلم، والبخل بالدعاء لإخوانه، والبخل بالسلام وقد مر بنا حديث : " أعجز الناس من عجز بالدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام "
 والبخل بقضاء المصالح وهي الشفاعة الحسنة، والبخل بالإصلاح بين الناس، والبخل بالعفو ، والبخل بالطعام والكساء، والبخل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد نص النبي على ذلك : " البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي " وغير ذلك.
* ثالثا : أسباب البخل والشح :
[ ١١ ] حب المال والحرص على جمعه. وهذا من أعظم الأسباب وقل من يسلم منه وقد صح في الحديث : " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه "
[ ٢ ] ضعف اليقين بأن الرزق مقسوم وأن الصدقة سبب البركة فيه.
[ ٣٣ ] الخوف على مستقبل الأولاد والحرص على جمع المال لهم. وفي المسند وسنن ابن ماجه بسند صحيح : " الولد مبخلة مجبنة محزنة "
[ ٤٤ ] الخشية من الفقر والأمل في الغنى . وقد مر الحديث : " أن تصدق وانت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى "
* رابعا : عقوبة البخل وأضراره :
للبخل عقوبة شديدة ووعيد وعذاب أليم وأضرار في الدنيا والآخرة. ومن ذلك.
 * أولا : يعقبه نفاق في القلب. كما شأن الذين قال الله عنهم : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
[سورة التوبة 75 - 77]
 * ثانيا : العذاب الأليم. قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)
[سورة التوبة 34 - 35]
 * ثالثا : الهلاك بسفك الدماء واستحلال المحارم. وقد مر الحديث. وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث مهلكات : هوى متبع وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه "
* رابعا: الشح والإيمان لا يجتمعان في قلب العبد. وقد مر الحديث الدال على ذلك.
 * خامسا : يطوقه الشجاع الأقرع وهو ثعبان ضخم ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك ثم تلا "(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة آل عمران 180]
* سادسا : حرمان البخيل لنفسه من الخير. كما في الآية : " ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه "
 * سابعا : قلة البركة بل تلف المال. كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " وعن أسماء رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : " لا توكي فيوكى عليك " يعني لا تغلقي على المال فيمنع عنك الرزق.
 * ثامنا : الحرمان من جوار الله يوم القيامة. كما عند الطبراني وغيره بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى عن الجنة : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل "
* تاسعا : البخل يورث غضب الله عزوجل .
* عاشرا : يسبب القطيعة بينه وبين الناس حتى بينه وبين أقرب الناس إليه .
* حادي عشر : يسبب الحسد والبغضاء من الناس إليه.
 ** أخيرا : ابتعدوا أيها المسلمون بصفة عامة ويا أصحاب الأموال بصفة خاصة عن البخل والشح.فأخرجوا زكاة أموالكم، وأكثروا من الصدقات. فالكثير الآن تحت خط الفقر. ولو أدى كل الأغنياء زكاتهم لحلوا أزمة كثير من الفقراء .
ونسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين.
===================
 وكتبه || فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الخميس ٤ رجب ١٤٣٩هجرية- ٢٢ مارس ٢٠١٨م
ـ ||http://hazemkttab.blogspot.com.eg/||ـ
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق