تبصير العوام بخطر مسؤولية الإمام (مكتوب)




( تبصير العوام بخطر مسؤولية الإمام )
 شرح حديث : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "
الحمد لله رب العالمين وكفى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد المصطفى ورسوله المجتبى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد.
- روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، ألا كلكم راع ومسؤول عن رعيته " وفي لفظ : " والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته "
- كلكم : لفظ يدل على العموم ولا يستثني أحدا فالكل راع. قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في شرح لصحيح مسلم : " إذا كان كلكم راع فأين الرعية؟
فيقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك، وأن الرعاية طبقات : رعاية عامة ورعاية خاصة ورعاية أخص، فالخليفة راع على الأمة كلها، وأمير البلد راع، والرجل راع في أهله، والمرأة راعية في بيت زوجها وولده، فهي رعايات متنوعة، فصح أن يكون كل منا راعيا ومسؤولا عن رعيته، والراعي الأعلى هو الخليفة " ( شرح مسلم ١٧٦ المكتبة الإسلامية )
* الإمام : هو القدوة الذي يقتدي به سواء في الخير أو في الشر. قال تعالى عن الأنبياء : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) [سورة اﻷنبياء 73] فهم قدوة في الخير. وقال تعالى عن فرعون وملئه : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ) [سورة القصص 41] فهم أئمة وقدوة في الشر.
- والمقصود بالإمام هنا الحاكم. بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أهمية وعظم مسؤوليته.
( فالامام راع ومسؤول عن رعيته )
لذلك جعل الله له حقوقا على رعيته ومن هذه الحقوق :
[ ١ ] السمع والطاعة في المعروف. قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)
[سورة النساء 59 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما الطاعة في المعروف " وقال : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " فولي الأمر لو أمر بمعصية فلا طاعة له في هذه المعصية. ولا ننزع يدا من طاعته في غير هذه المعصية. لا أن معصيته هو تكون مانعة من طاعته كما يفهمه البعض.
[ ٢ ] عدم نقض بيته. وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية "
[ ٣ ] نؤدي حقه وإن منعنا حقنا . ففي صحيح مسلم عن سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه قال : يارسول الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا؟ قال : " أدوا الحق الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم "
[ ٤ ] الصبر على ظلمه وأذاه.لقوله صلى الله عليه وسلم :" اسمع وأطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع
وأطع "
[ ٥ ] عدم إهانته وسبه والسخرية منه. لقوله صلى الله عليه وسلم : " من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله يوم القيامة " ولقوله : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم "
* وأما حقوق الرعية عليه فهي كثيرة منها :
١ - حفظهم ورعايتهم. كما في حديثنا هذا : " الإمام راع ومسؤول عن رعيته "
٢ - النصح لهم. قال صلى الله عليه وسلم : " ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة "
٣ - العدل بينهم وترك ظلمهم. ففي الصحيح : " المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا "
٤ - عدم غشهم. ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : " ما من راع يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة "
٥ - الرفق بهم وعدم المشقة عليهم. ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه. ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به "
٦ - السعي في حاجتهم وقضائها. فروى أبو داود والترمذي بسند صحيح عن أبي مريم الأزدي أنه قال لمعاوية رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة "
* ( والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته )
سواء كان أبا أو ابنا أكبر أو أخا أكبر فهو مسؤول عن رعيته. فلا بد أن يحفظ هذه الأمانة ويرعاها. وخصوصا زوجته التي لها حق عليه. فمن حقها عليه : العشرة في المعروف. ويدخل في ذلك : الإحسان إليها، وعدم إهانتها ولا إهانة أهلها. ولا يظلمها. وكل ذلك داخل في قوله تعالى : " وعاشروهن بالمعروف "
وكذلك من حقها عليه أن يطعمها ويكسوها. روى أبو داود وصححه الألباني عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : يارسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولاتقبح ولا تهجر إلا في البيت "
* ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها )
ومما تسأل عنه المراة حقوق الزوج على زوجته والتي منها :
[ ١ ] أن تخضع لقوامته عليها. لا أن تستأسد عليه أو تترفع وتتعالى عليه مهما كانت بالنسبة له أو كان بالنسبة لها. لقوله تعالى : " الرجال قوامون على النساء "
[ ٢ ] أن تصون عرضه. لقوله صلى الله عليه وسلم عن المرأة الصالحة : " إذا نظرت إليها سرتك وإذا امرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في عرضها ومالك "
[ ٣ ] ألا تغضبه. فإنها إذا أغضبته لن يرضى عنها ربها إلا إذا رضي عنها زوجها. كما ثبت في الحديث.
[ ٤ ] ألا تمتنع إذا دعاها للجماع. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح "
[ ٥ ] ألا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه. كما ورد في خطبة حجة الوداع. : " وحقكم عليهن إلا يوطئن فرشك من تكرهون " حتى لو كان من محارمها.
[ ٦ ] ألا تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه "
[ ٧ ] أن تحفظ ماله وولده. ففي لفظ للحديث الذي معنا : " والمرأة راعية في بيت زوجها وولده "
* ( والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته ) وفي لفظ ( والرجل راع في مال أبيه. ....) فلا بد أن يحفظ هذه الأمانة ويرعاها.
وكل من هؤلاء الذين ذكروا في الحديث يفعل أمرا من ثلاثة : إما أن يصلح. فهو الذي ينجو - نسأل الله أن نكون منهم - وإما أن يفسد فيحضر لرعيته ما يكون سببا في افسادهم فهو معاقب . وإما أن يهمل فلا يصلح ولا يفسد. وهذا على خطر. لأن الإهمال قد يؤول إلى الفساد.
فالحذر الحذر لكل من استرعاه الله رعية صغرت أم كبرت أن يضيعها. ونسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يقولون فيعملون ويعملون فيخلصون ويخلصون فيقبلون .
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

 والحمد لله رب العالمين.
كتبه 
فضيلة الشيخ أبي إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الجمعة ١٢ رجب ١٤٣٩هجرية- ٣٠ مارس ٢٠١٨م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق